{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنْفِقُواْ } لرضاء الله { مِن طَيِّبَاتِ } جيدات { مَا كَسَبْتُمْ } أي: ما كسبتم في النشأة الأولى بأيديكم بالتجارة والصناعة { وَمِمَّآ أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ ٱلأَرْضِ } بلا عمل منكم من الحبوب والثمار والمعدنيات وغير ذلك { وَلاَ تَيَمَّمُواْ } أي: لا تقصدوا { ٱلْخَبِيثَ } الرديء { مِنْهُ } أي: مما كسبتم، ومما أخرجنا لكم حال كونك { تُنْفِقُونَ } للفقراء { وَ } الحال أنكم { لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ } من الغير { إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ } تسامحوا في أخذه { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ } المدبر لمصالح عباده { غَنِيٌّ } عن إنفاقكم وتصدقكم، وإنما يأمركم به لانتفاعكم إذ هو { حَمِيدٌ } [البقرة: 267] شكور، فما أنتم وإنفاقكم.
{ ٱلشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ ٱلْفَقْرَ } في الإنفاق ويخوفكم منه { وَيَأْمُرُكُم بِٱلْفَحْشَآءِ } أي: البخف المتجاوز عن الحدود { وَٱللَّهُ يَعِدُكُم } فيه { مَّغْفِرَةً } لذنوبكم ناشئة { مِّنْهُ وَفَضْلاً } زائداً على وجه التبرع والإكرام خلفاً لما أنفقتم لطلب رضاه { وَٱللَّهُ وَاسِعٌ } لاضيق في فضله وأحسانه { عَلِيمٌ } [البقرة: 268] بنية من أنفق.
{ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ } أي: سرائر جميع الأعمال المأمورة لعباده { مَن يَشَآءُ } بفضله وجوده { وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ } من العباد { فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً } لا يحيط بكثرته إلا هو { وَمَا يَذَّكَّرُ } أي: ما يتعظ ويتذكر بهذه الآية { إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } [البقرة: 269] الواصلون إلى لب الأمور، المائلون عن قشورها المتجهون إلى الله بالعزائم الصحيحة، المعرضون عن الرخص المؤدية إلى الجرائم.