خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِن كُنتُمْ عَلَىٰ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِباً فَرِهَٰنٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ ٱلَّذِي ٱؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
٢٨٣
للَّهِ ما فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ ٱللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٢٨٤
-البقرة

تفسير الجيلاني

{ وَإِن كُنتُمْ } أيها المتداينون { عَلَىٰ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِباً فَرِهَٰنٌ مَّقْبُوضَةٌ } أي: فعليكم في أمثال هذه المعاملة رهن مقبوض من الديون إلى أجل مسمى { فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم } أيها الدائنون { بَعْضاً } من المدينون بلا ارتهان اعتماداً على أمانته { فَلْيُؤَدِّ } المديون { ٱلَّذِي ٱؤْتُمِنَ } اعتماداً { أَمَانَتَهُ } اي: دينه عند انقضاء أجله المسمى { وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُ } في الإنكار والخيانة والبخص والمماطلة { وَلاَ تَكْتُمُواْ } أيها المؤمنون { ٱلشَّهَٰدَةَ } الحاضرة الحاصلة عندكم، المتعلقة بحقوق الناس سواء كنتم من المستشهدين أو الشاهدين على أنفسكم، المعترفين بما في ذمتكم من حقوق الغير { وَمَن يَكْتُمْهَا } إنكاراً وعناداً { فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ } أي: يأثم قلبه، ومن كان إثمه من قلبه لا يرجى منه الفلاح والفوز بالنجاح { وَ } المحيط بحيلكم ومخايلكم { ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ } من الإنكار والخيانة وكتمان الشهادة { عَلِيمٌ } [البقرة: 283] ينتقم منكم بكل ما جرى في نفوسكم منها.
{ للَّهِ } الواحد الأحد الحي، الحقيق بالحقية، القيوم المتفرد بالقيومية، الدائم الظاهر بالديمومية مظاهر { ما فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ } من الأسماء الذاتية والصفات الفعلية { وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } أي: الطبيعة العدمية القابلة لمظهرية آثار الصفات الذاتية، المحدثة المظهر للكائنات الكونية والكيانية، والواردات الغيبية والواضحات العينية { وَ } بعدما ظهر ما ظهر وما بطن { إِن تُبْدُواْ } تظهروا أيها الأظلال والعكوس { مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ } من الأنانية والأصالة في الوجود والاستقلال بالآثار { أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ ٱللَّهُ } الجامع بجميع الأسماء، المحيط بجميع الأشياء، بل الأشياء كلها مستهلكة في وجوده، فانية في ذاته { فَيَغْفِرُ } يستر ذنب الأنانية ومعصية الغيرية { لِمَن يَشَآءُ } من عباده بفضله وجوده { وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ } بقهره وطرده إرادة واختياراً؛ إظهاراً لقدرته وقلعاً لشوكته { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } مما شاء ويشاء { قَدِيرٌ } [البقرة: 284] بالقدرة الأزلية الأبدية المتصرف مطلقاً في جميع ما كان ويكون، لا يعزب عن حضوره ذرة، ولا يشغله فترة.