خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
٦٢
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
٦٣
ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُم مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ
٦٤
-البقرة

تفسير الجيلاني

ثم أشار سبحانه إلى أن منهم ومن أمثالهم من ذوي الأديان والملل من يهدي إلى الحق، ويتوجه إلى طريق مستقيم، فقال: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بدين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم { وَٱلَّذِينَ هَادُواْ } انقادوا بدين موسى عليه السلام { وَٱلنَّصَارَىٰ } الذين آمنوا بدين عيسى عليه السلام { وَٱلصَّابِئِينَ } الذين تدينوا بدين نوح عليه السلام { مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } أي: أيقن بوحدانية الله، وأقر بربويته، واعترف بأن لا موجد إلا الله الواحد الأحد، ومع ذلك صدق واعترف بيوم الجزاء { وَعَمِلَ } عملاً { صَالِحاً } موافقاً لما أُمر، خالصاً لوجه الله مخلصاً فيه { فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ } الذي يوفقهم على التوحيد والإخلاص { وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } من العقاب والعذاب { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [البقرة: 62] عن سوء المنقلب والمآب.
{ وَ } اذكروا أيضاً { إِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ } أي: طلبنا منكم العهد الوثيق بأن تتبعوا موسى وتمتثلوا بأوامر كتابه وتجتنبوا عن نواهيه، فامتنعتم عن متابعته واستثقلتم ما في كتابه، فأنجيناكم إليه بأن أمرنا جبريل عليه السلام بقلع الجبل من مكانه { وَ } بعد قلعه { رَفَعْنَا } بتوفيقنا أياه { فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ } معلقاً عليكم وقلنا لكم في تلك الحالة: { خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم } من الدين والكتاب { بِقُوَّةٍ } بجد واجتهاد { وَٱذْكُرُواْ } جميع { مَا فِيهِ } على التفصيل لنفوسكم، وإن لم تأخذوا وتذكروا، سقط عليكم الجبل فنستأصلكم فعهدتم خوفاً من سقوطه، وإنما فعلنا ذلك بكم { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة: 63] لكي تحذوا عن قهرنا وانتقامنا.
{ ثُمَّ } لما أمهلناكم زماناً { تَوَلَّيْتُمْ } أعرضتم عن العهد { مِّن بَعْدِ } ما أزلنا عنكم { ذٰلِكَ } الخوف وأنتم في جبلتكم ظالمون، مجاوزون عن الحدود والعهود { فَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ } المحيط { عَلَيْكُمْ } بإرادة إيمانكم وإصلاحكم { وَرَحْمَتُهُ } الواسعة الشاملة لكم بإرسال الرسل وإنزال الكتب { لَكُنْتُم } في أنفسكم { مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ } [البقرة: 64] الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة،
{ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ } [الزمر: 15].