خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِيۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ
٢٥
وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ
٢٦
لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ
٢٧
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ وَهُمْ مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ
٢٨
-الأنبياء

تفسير الجيلاني

ثم قال سبحانه كلاماً جلياً مثبتاً للتوحيد خالياً عن سمة التقليد: { وَمَآ أَرْسَلْنَا } من مقام جودنا وفضلنا { مِن قَبْلِكَ } يا أكمل الرسل من الرسل { مِن رَّسُولٍ } من الرسل الماضين { إِلاَّ نُوحِيۤ إِلَيْهِ } أولاً { أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ } يُعبَد بالحق ويستحق للعبادة والإطاعة { إِلاَّ أَنَاْ } المتفرد برداء العظمة والكبرياء، المنفرد بكمال الجلال، ودوام البقاء { فَٱعْبُدُونِ } [الأنبياء: 25] أيها الأظلال الهالكة والعكوس المضمحلة الباطلة، وتذللوا نحوي خاضعين خاشعين، إذ لا مرجع لكم غيري.
وادّعا الشركة { وَقَالُواْ } مستدلين عليها: نحن نجد في التوراة والإنجيل أنه { ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ } الملائكةَ وعزيراً وعيسى { وَلَداً } والولد شريكُ لأبيه، إذ هو سرُّه { سُبْحَانَهُ } وتعالى عن أمثال هذه الهذيانات الباطلة { بَلْ } هم { عِبَادٌ } لله { مُّكْرَمُونَ } [الأنبياء: 26] محبوبون لديه.
لذلك { لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ } أي: لا يبادرون إلى القول قبل قوله سبحانه، ولا يبدلون، ولا يغيرون قوله وحكمه، كما هو دأب العبيد مع المولى { وَ } كيف يسبقونه بالقول { هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } [الأنبياء: 27] جميعَ ما عملوا من خيرٍ وشرٍ والمأمور لا يكون شريكاً للآمر.
وكيف لا يعملون بأمره إذ هو { يَعْلَمُ } بعلمه الحضوري منهم ومن أحوالهم { مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } أي: ما هو حاضرٌ عندهم، معلومٌ دونهم من أحوالهم وأفعالهم { وَمَا خَلْفَهُمْ } أي: ما هو غائبُ عنهم ومجهولُ لديهم { وَ } إن خرجوا عن مقتضى أمره سبحانه { لاَ يَشْفَعُونَ } أي: لا تقبل شفاعتهم لغيرهم، أو لا يُشفع لهم عند الله بعدما خرجوا عن مقتضى حكمه { إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ } سبحانه، ورضي بشفاعة من يشفع لهم وأَذِن { وَ } كيف يشفع عنده سبحانه بغير إذنه ورضاه؟ إذ { هُمْ } أي: الشفعاء { مِّنْ } كمال { خَشْيَتِهِ } سبحانه ومن غاية سطوته وهيبته وقهره { مُشْفِقُونَ } [الأنبياء: 28] خائفون مرعوبون وَجلون.