خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً
١٣
لاَّ تَدْعُواْ ٱلْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً
١٤
قُلْ أَذٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً وَمَصِيراً
١٥
لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً
١٦
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ
١٧
-الفرقان

تفسير الجيلاني

{ وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا } أي: من النار { مَكَاناً } أي: في مكان من أمكنتها صار { ضَيِّقاً } لهم تشدد العذاب عليهم؛ بحيث صار كل منهم من ضيق { مُّقَرَّنِينَ } قرنت أيديهم إلى أعناقهم بالسلاسل والأغلال { دَعَوْاْ } وتمنوا من شدة حزنهم وكربهم { هُنَالِكَ ثُبُوراً } [الفرقان: 13] هلاكاً وويلاً، قائلين صائحين: واثبوراه! واويلاه! تعال تعال! وهذا وقت حلولك ونزولك، ويقال لهم حينئذ: { لاَّ تَدْعُواْ ٱلْيَوْمَ } أيها الجاهلون { ثُبُوراً وَاحِداً وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً } [الفرقان: 14] إذ أنواع العذاب تتجدد عليكم دائماً، فاطلبوا الكل منها ثبوراً.
{ قُلْ } يا أكمل الرسل موبخاً عليهم، ومعيراً بعدما بيَّنت لهم منقلبهم ومثواهم في الآخرة { أَذٰلِكَ } السعير الذي سمعتم وصفه، أو المعنى: أذلك الجنة التي إمِلتم من جنات الدنيا ومنتزهاتها { خَيْرٌ } مرجعاً ومصيراً { أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ } المؤبد المخلد أهلها فيها بلا تبديل وتغيير { ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ } بدخولها حتى { كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً } لأعمالهم الصالحة التي أتوا بها في النشأة الأولى، وصارت بدلاً من مستلذاتها الفانية { وَمَصِيراً } [الفرقان: 15] أي: مرجعاً ومنقلباً لهم بعدما خرجوا من الدنيا، مع أن { لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ } من النعيم المقيم الدائم؛ لكونهم { خَالِدِينَ } فيها لا يتحولون عنها أصلاً؟ لذلك { كَانَ } هذا الوعد { عَلَىٰ رَبِّكَ } يا أكمل الرسل { وَعْداً مَّسْئُولاً } [الفرقان: 16] مطلوباً للمؤمنين في دعواهم ومناجاتهم، حيث قالوا في سؤالهم ودعائهم: ربنا آتنا ما وعدتنا على رسلك، إلى غير ذلك من الآيات والمناجاة المأثورة من الأنبياء والأولياء.
{ وَ } اذكر يا أكمل الرسل للمتخذين آلهة سوانا، وحذِّرهم { يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ } ونبعثهم للعرض والجزاء { وَ } نحشر أيضاً { مَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } الواحد الأحد الصمد؛ أي: آلهتهم الذين يعبدونهم كعبادة الله، كالملائكة وعزير وعيسى والجن والكواكب والأصنام، عبَّر سبحانه عن آلهتهم بـ (ما)، مع أن بعضهم عقلاء لعموم (ما)؛ أي: إنها تستعمل في عاقل وغيره، أو للتغليب، أو باعتبار ما يعتقدون ويتخذون آلهة من تلقاء نفوسهم، لا حقيقة لها سوى الاعتبار؛ لأنهم لا يرضون باتخاذهم، وبعدما حشر الآلهة ومتخذوهم مجتميعن { فَيَقُولُ } الله سبحانه مستفهماً للآلهة على سبيل التوبيخ والتبكيت لمتخذيهم: { أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ } [الفرقان: 17] عن عبادتي، ودعوتموهم إلى عبادة نفوسكم مدعين أنتم الشركة معي؟.