خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

طسۤمۤ
١
تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ
٢
نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِٱلْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٣
إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ
٤
وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ
٥
وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ
٦
-القصص

تفسير الجيلاني

{ طسۤمۤ } [القصص: 1] يا طالب السعادة المؤبدة المخلدلة، ويا طيب الطينة، وسالم السر والسريرة المنيرة، المقدس عن المكدرات الطبيعية المورثة لأنواع الجهالات الضلالات المنافية لصفاء مشرب التوحيد.
{ تِلْكَ } الآيات المتلوة عليك يا أكمل الرسل من هذه الصورة الحاكية عن قصص إخوانك من الأنبياء والرسل - صلوات الله عليهم أجمعين - { آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } [القصص: 2] أي: نبذ مما ثبت في لوح القضاء وحضرة العلم الإلهي الظاهر إحاطته وشموله لجميع ما لاح عليه شروق شمس الوجود.
{ نَتْلُواْ عَلَيْكَ } ونحكي لك يا أكمل الرسل { مِن نَّبَإِ } أخيك { مُوسَىٰ } الكليم { وَفِرْعَوْنَ } المستكبر المستعلي، المفرط في العتو والعناد، إنما أنزلته إليك هذا ملتبساً { بِٱلْحَقِّ } المطابق للواقع مع كونك خال الذهن عنه وعن أمثاله؛ لكونك أمياً لا تقدر على مطالعة كتب التواريخ؛ وإنما أنزلناه لتكون آية ودليلاً لك على صدك في دعواك { لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [القصص: 3] ويصدقون رسالتك ونبوتك.
وذكل { إِنَّ فِرْعَوْنَ } المفسد المسرف { عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } أي: أرض مصر، وترقى أمره إلى حيث تفوه بأنا ربكم الأعلى { وَ } من كمال علوه واستكباره { جَعَلَ أَهْلَهَا } أي: أهل مصر ومن يسكنون حولها { شِيَعاً } أي: فرقاً وأحزاباً يشايعونه لدى الحاجة ويزدحمون عليه عند الإرادة طوعاً وكرهاً.
وبعدما رأى فرعون في منامه ليلاً أن ناراً تخرج من دور بني إسرائيل، وتقع على داره وتحرقها وما حولها من ور القبط، ولم تضر بدور بني إسرائيل أصلاً فأصبح، وأمر بإحضار الكاهن العليم، فاستعبر منه الرؤيا فقال الكاهن: سيخرج من بني إسرائيل رجل يستولي عليك، ويستأصلك ومن معك، وبعدما سمع من الكاهن ما سمع صار { يَسْتَضْعِفُ } ويضعف { طَآئِفَةً مِّنْهُمْ } هي بنو إسرائيل، وبالغ في إضعافهم إلى حيث { يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ } أي: أمر الشرطة أن يقتلوا من ولد منهم ذكراً؛ لئلا يتقووا على قتاله، ولم يحدث بينهم من أخبر به الكاهن { وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ } ليتزوجهن القبط ظلماً ويزدادوا ويلحق العار والصغار على بني إسرائيل، وبالجملة: { إِنَّهُ كَانَ مِنَ } أعظم { ٱلْمُفْسِدِينَ } [القصص: 4] في الأرض، يريد أن يظهر على الله بقتل ما أوجده سبحانه عتواً واستكباراً.
{ وَ } بعدما بالغ في الإفساد والعناد، وتمادى في الجور والفساد زماناً { نُرِيدُ } بمقتضى جودنا وسعة رحمتنا { أَن نَّمُنَّ } منة عظيمة { عَلَى } عبادنا { ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ } أي: أرض العمالقة، وهم بنو إسرائيل الأُسراء المظلمون في أدي القبط { وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً } قدوة كراماً متبوعين بعدما كانوا أتباعاً أذلاء صاغرين { وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ } [القصص: 5] من ظالميهم، يرثون منهم أرضهم وديارهم وأموالهم.
{ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ } أي: نقررهم ونوطنهم { فِي ٱلأَرْضِ } أي: أرض مصر والشام بعدما كانوا مضطرين متزلزلين { وَنُرِيَ } بمقتضى قهرنا وجلالنا { فِرْعَوْنَ } المفرط في العتو والعناد { وَ } ظهيره { هَامَانَ } المفتخر على أهل الزمان بنيابته ووزارته { وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ } أي: بني إسرائيل { مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ } [القصص: 6] منه، وهو ظهور مولود منهم يذهب به دولة القبط، وصار سبباً لهلاكهم بالمرة.