خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلْلَّيْلَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ
٧١
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ
٧٢
وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
٧٣
-القصص

تفسير الجيلاني

ثمَّ أشار سبحانه إلى معظم ما أنعم على عباده من تجدد الملوين، وتعاقب الجديدين امتناناً لهم، وحثاً على مواظبة شكره ومداومة ذكره، والتذكر بإحسانه وإنعامه، وتعريضاً للمشركين، فقال آمراً لحبيبه صلى الله عليه وسلم: { قُلْ } أي أكمل الرسل للناس الناسين توالي نعمنا المترادفة مستفهماً إياهم، مسخبراً منهم على سبيل التنبيه والتذكير: { أَرَأَيْتُمْ } أي: أخبروني أيها المغمورون بنعمي { إِن جَعَلَ ٱللَّهُ } المحول للأحوال، المدبر لجميع التدابير { عَلَيْكُمُ ٱلْلَّيْلَ } المظلم { سَرْمَداً } ممتداً مستمراً بلا تخلل ضوء بينه { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ } قادر على إيجاد الضوء في خلال الظلمة { غَيْرُ ٱللَّهِ } على زعمكم الفاسد { يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ } تفوزون إلى أمور معاشكم بسببها { أَفَلاَ تَسْمَعُونَ } [القصص: 71] أمثال هذه التذكيرات ولا تفهمون معناها، ولا تستكشفون عن الحكم والمصالح المدرجة فيها أيها المجبولون على الفهم والاستكشاف؟!.
ثمَّ قال سبحانه: { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل: { أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ } المصلح لجميع حالاتكم { عَلَيْكُمُ ٱلنَّهَارَ } المضيء { سَرْمَداً } مستمراً دائماً بلا لحوق ما يضاده { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ } الواحد الأحد، المستقل بالألوهية والربوبية { يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ } وتستريحون من تعبكم اللاحق من أشغالكم { أَفلاَ تُبْصِرُونَ } [القصص: 72] آلاء الله الفائضة عليكم على التعاقب التوالي؛ لإصلاح أحوالكم ليلاً ونهاراً؛ حتى تواظبوا على شكرها، وتداوموا لأداء حقها سراً وجهاراً؟!.
{ وَمِن } كمال { رَّحْمَتِهِ } ووفور مرحمته { جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ } متجددين متعاقبين { لِتَسْكُنُواْ فِيهِ } أي: في الليل، وتستريحوا عما عرض عليكم في النهار من المتاعب والمشاق { وَلِتَبتَغُواْ } وتطلبوا { مِن فَضْلِهِ } وسعة جوده في النهار { وَ } إنما أفاض علكيم كل ذلك { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [القصص: 73] نعمه سبحانه؛ كي تفوزوا إلى ما أعد لكم من موائد كرمه، ولا تشركوا معه شيئاً من مظاهره ومصنوعاته، ولا تنظروا إلى الوسائل والأسباب العادية، ولا تنسبوا الأفعال الحادثة في الآفاق على غيره سبحانه، بل نزهوه عن مطلق المشاركة والمماثلة، وقدسوه عن جميع ما لا يليق بشأنه.