وحين استرجعتم إلينا، واستغنيتم بنا مخلصين { سَنُلْقِي } بقهرنا وغضبنا { فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بتوحيدنا { ٱلرُّعْبَ } والمخافة مع كونكم مستضعفين، وإنما نلقيهم الرعب { بِمَآ أَشْرَكُواْ بِٱللَّهِ } المنزه عن الأشياء والأنداد { مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ } أي: أصناماً وآلهة ما لم ينزل الله بسببها عليهم { سُلْطَاناً } حجة تلجئهم إلى عبادتها وإطاعتها، بل ما اتخذوها آلهة إلا من تلقاء أنفسهم؛ ظلماً وعدواناً، تعالى عما يقول الظالمون { وَ } ليس { مَأْوَاهُمُ } في النشأة الاخرى إلا { ٱلنَّارُ } الموعود لمن أظلم على الله، واتبع هواه { وَبِئْسَ } المثوى والمأوى { مَثْوَىٰ ٱلظَّالِمِينَ } [آل عمران: 151] الخارجين عن حدود الله وشعائر توحيده.
{ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ } أيها المؤمنون { وَعْدَهُ } الذي وعده لكم من النصر والظفر وقت { إِذْ تَحُسُّونَهُمْ } أي: العدو، ويحفظ كلاً منكم المكان الذي عينه رسول الله صلى الله عليه وسلم { بِإِذْنِهِ } أي: بإذن الله ووحيه بلا ميل إلى الغنيمة والنهب { حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ } ملتم إلى الغنيمة، وخالفتم حكم الله ورسوله { وَتَنَازَعْتُمْ فِي ٱلأَمْرِ } أي: أمر التبادر والتسابق إلى الغنيمة { وَعَصَيْتُمْ } تركتم إطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم { مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ } أمارات { مَّا تُحِبُّونَ } وتطلبون، وتوعدونه من النصر والظفر المشروط بالتقرر والتمكن، وبعد رؤيتكم أنفسكم قسمين: { مِنكُم مَّن يُرِيدُ } حطام { الدُّنْيَا } فترك المركز وخالف الأمر { وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ } فثبت على المركز وحفظ الأمر، ولم يضطرب عن مكانه.
{ ثُمَّ } لما غيرتم ما في نفوسكم من عقد الله ورسوله { صَرَفَكُمْ } أي: بعدكم { عَنْهُمْ } وعن أموالهم خائنين، فارين { لِيَبْتَلِيَكُمْ } ويختبركم ببلاء الهزيمة، هل تستقرون وتثبتون على الإيمان وتصبرون على المصائب الحادثة في حفظه أم لا؟ { وَ } بعدما خالفتم أمر الله وأمر رسوله، وملتم إلى الغنائم بعدما ورد النهي عن الله ورسوله { لَقَدْ عَفَا } الله { عَنْكُمْ } ذنوبكم بعد ندامتكم واستغفاركم؛ تفضلاً عليكم وإن كان مقتضى جريمتكم استئصالكم بالمرة { وَٱللَّهُ } الهادي لعباده { ذُو فَضْلٍ } عظيم { عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } [آل عمران: 152] تجاوز عن سيئاتكم، وإن عظمت بعدما تابوا واستغفروا.