خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ وَٱتَّبَعُواْ رِضْوَانَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ
١٧٤
إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ
١٧٥
وَلاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ ٱللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي ٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
١٧٦
إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
١٧٧
-آل عمران

تفسير الجيلاني

ولما فوضوا أمورهم إلى الله، واعتصموا له، واستنصروا منه، وتوكلوا عليه، قذف في قلوب عدوهم الرعب فهربوا { فَٱنْقَلَبُواْ } رجعوا من حمراء الأسد { بِنِعْمَةٍ } عظيمة { مِّنَ ٱللَّهِ } جزاء ما صبروا { وَفَضْلٍ } زيادة عطاء لهم تفضلاً وامتناناً؛ لتحققهم في مقام الرضاء بما أصابهم من القضاء { لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ } أصلاً بعدما أصابوا يوم أُحد، بل صاروا غالبين دائماً على الأعداء { وَ } ذلك لأنهم { ٱتَّبَعُواْ رِضْوَانَ ٱللَّهِ } ومتابعة رسوله بلا ميل منهم إلى هوية نفوسهم { وَٱللَّهُ } المجاري لعباده { ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ } [آل عمران: 174] ولطف جسيم على من هو من أهل الرضا والتسليم.
{ إِنَّمَا ذٰلِكُمُ } المخبرون، المخوفون لكم، هم { ٱلشَّيْطَانُ } وأتباعه، ما { يُخَوِّفُ } من الأعداء إلا { أَوْلِيَاءَهُ } وهم المنافقون { فَلاَ تَخَافُوهُمْ } أيها المؤمنون؛ إذ الله معكم يحفظكم عما يضركم { وَخَافُونِ } من إطاعة الشيطان ومتابعته، حتى لا يلحقكم غضبي وسخطي { إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } [آل عمران: 175] موقنين بقدرتي على الإنعام والانتقام.
{ وَلاَ يَحْزُنكَ } ضرر { ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ } يوقعون أنفسهم { فِي ٱلْكُفْرِ } سريعاً في المنافقين الذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم { إِنَّهُمْ } إذ هم بسبب كفرهم { لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً } بل ضرر كفرهم إنما يعود إليهم؛ لا حق بهم { يُرِيدُ ٱللَّهُ } المقد لكفرهم { أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً } نصيباً { فِي } النشأة { ٱلآخِرَةِ } لذلك أقدرهم على الكفر { وَ } هيَّأ { لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [آل عمران: 176] هو عذاب الطرد والخذلان، والحسرة والحرمان؛ جزاء لكفرهم ونفاقهم.
ثم برهن عليه سبحانه بقوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ } استبدلوا { ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ } من غاية نفاقهم { لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً } بسبب هذا الاستبدال والاختيار، بل { وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [آل عمران: 177] مؤلم في الدنيا بالقتل والسبي والإجلاء، وفي الآخرة بالحرمان عن مرتبة الإنسان.