خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَىٰ نُزُلاً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٩
وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ
٢٠
وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
٢١
-السجدة

تفسير الجيلاني

بل { أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بوحدانية الحق { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } المأمورة لهم على وجهها، مع كونهم مخلصين فيها، خاشعين خاضعين { فَلَهُمْ } في النشأة الأخرى بعدما انقرضوا عن دار الدنيا { جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَىٰ } أي: المتنزهات المعدة لأهل الإيمان والقبول تأوي إليها نفوسهم على الرغبة الكاملة والطوع التام؛ ليكون { نُزُلاً } لهم؛ أي: منزلاً يسكنون فيه، ويستريحون فيها { بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [السجدة: 19] أي: بمقابلة ما يرتكبون من حمل المتاعب والمشاق ف يطريق الطاعات والعبادات.
{ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ } أي: تركوا الإيمان بالله، وخرجوا عن مقتضى الأوامر والنواهي الموردة في كتبه وعلى ألسنة رسله { فَمَأْوَاهُمُ } أي: مرجعهم ومثواهم في النشأة الأخرى { ٱلنَّارُ } المعدة لأهل الشقاوة الأزلية، هم يها خالدون مخلدون، مؤبدون لا نجاة لهم أصلاً، بل { كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ } وأملوا { أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ } أمهلهم الخزنة إلى أن يصلوا إلى شفيرنا، ثمَّ بعد ذلك { أُعِيدُواْ فِيهَا } زجراً وقهراً تاماً مهانين صاغرين { وَقِيلَ لَهُمْ } أي: الزبانية الموكلون عليهم بإلهما الله إياهم: { ذُوقُواْ } أيها المنكرون المصرون { عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } [السجدة: 20] حين أخبركم الرسل والكتب، وأنذروكم به.
ثمَّ أشار سبحانه إلى رداءة فطنة أصحاب الضلال، وخبث طينتهم فقال على سبيل المبالغة والتأكيد: { وَ } الله { لَنُذِيقَنَّهُمْ } ونصبّنَّ عليهم في دار الابتلاء { مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ } الأنزل الأسهل من القحط والطاعون والوباء، والقتل والسبي والزلزلة، وأنواع المحن والبليات التي هي أدنى وأسهل بمراحل { دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ } أي: عند عذاب الآخرة الذي هو في غاية الشدة، ونهاية الألم والفظاعة، وإما أخذناهم بها { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [السجدة: 21] مما هم عليه من الكفر والشقاق، ويتفطنون منها إلى كما قدرتنا واقتدارنا على أضعافها وآلافها، ومع ذلك لم يتفطنوا ولم يرجعوا عن غيهم وضلالهم، بل أصروا واستكبروا عدواناً وظلماً.