خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

الۤـمۤ
١
تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٢
أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
٣
ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ
٤
يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ
٥
-السجدة

تفسير الجيلاني

{ الۤـمۤ } [السجدة: 1] أيها الإنسان الأكمل الأعلم للوازم أنوار الوجود اللائح على صفحات وجود الأكوان بمقتضى الجود، الملاحظ المطالع لها بتوفيق الله الملك الودود.
{ تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ } الجامع لما في الكتب السالفة، المبيِّن لأحكام دين الإسلام، المنزل عليك يا أكمل الرسل؛ لتأييدك وتوريح دينك { لاَ رَيْبَ فِيهِ } إنه نازل من الله الجامع لجميع الأسماء والصفات، كما أن مرتبتك جامعة لجميع مراتب أهل العلم، وأنت مبعوث إلى كافة الأمم؛ ولذا صا كتابك نازلاً { مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [السجدة: 2] يشكُّون ويترددون في نزوله من عنده سبحانه أولئك الطاعنون الضالون.
{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } واختلقه من تلقاء نفسه، ونسبه إلى الله افتراءً ومراءً، تغريراً وتلبيساً، لا تحزن يا أكمل الرسل عليهم، ولا تلتفت إلى قولهم هذا { بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ } الثابت المحقق، المثبت نزوله { مِن رَّبِّكَ } الذي رباك بأنواع الكرم، واصطفاك من بين البرايا لرسالته العامة، أنزله إليه مشتملاً على الإنذارات الشديدة، والتخويفات البليغة { لِتُنذِرَ } بوعيداته { قَوْماً } انقطع عنهم آثار النبوة والرسالة؛ لبعد العهد أو { مَّآ أَتَاهُم } بعد عيسى - صلوات الله عليه وسلامه - { مِّن نَّذِيرٍ } أنذرهم عن الباطل وأرشدهم إلى طريق الحق { مِّن قَبْلِكَ } بل هم على فترة من ارسل فارسلك إليهم { لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } [السجدة: 3] بهدايتك وإرشادك إلى توحيد الحق، واتصافه بأوصاف الكمال.
وكيف لا يوحدون ولا يؤمنون بتوحيده وأسمائه وصفاته { ٱللَّهُ } وأوجد بقدرته الكاملة { ٱلسَّمَٰوَٰتِ } أي: العلويات { وَٱلأَرْضَ } أي: السفليات { وَمَا بَيْنَهُمَا } أي: الممتزجات { فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } وساعات منبسطة في الأقطار والجهات الست { ثُمَّ } الواحد الأحد، الفرد الصمد { ٱلَّذِي خَلَقَ } بعدما تم التمهيد والبسط { ٱسْتَوَىٰ } واستولى، وتمكن سبحانه { عَلَى ٱلْعَرْشِ } أي: انبسط على عروش عموم ما ظهر وبطن من الآفاق والأنفس بالاستقلال التام، والتصرف العام على صرافة وحدته الذاتية بلا شائبة شركة وطرق كثرة؛ لذلك { مَا لَكُمْ } أيها الأظلال المنعكسة من شمس ذاته { مِّن دُونِهِ } سبحانه { مِن وَلِيٍّ } يولي أموركم ويتصرف فيكم { وَلاَ شَفِيعٍ } ينصركم، ويعاون عليكم سواه سبحانه { أَ } تشكَّون وتترددون في توحيده وولايته سبحانه أيها المنهمكون في الغفلة والضلال { فَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } [السجدة: 4] وتتعظون بمواعظه وتذكيراته مع أنه كررها مراراً.
وكيف لا هو الذي { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ } أي: عالم الأمر المنبئ عن الإيجاد والإظهار بإنزال الملائكة الذين هم مظاهر أوصافه وأسمائه { مِنَ ٱلسَّمَآءِ } أي: سماء الأسماء المتعالية عن الأقطار والجهات مطلقاً { إِلَى ٱلأَرْضِ } أي: الطبيعة القابلة لقبول آثارها، وإنما أنزلهم وأهبطهم إليها؛ ليعد حسب حكمته المظاهر والمصنوعات؛ لقبول آثارها، وإنما أنزلهم وأهبطهم إليها؛ ليعد حسب حكمته المظاهر والمصنوعات؛ لقبول فيضان سلطان توحيده { ثُمَّ } بعدما تم على الوجه الأبدع، والنظام الأتم الأبلغ { يَعْرُجُ } ويصعد { إِلَيْهِ } سبحانه ما يترتب على عالم الأمر من المعارف والحقائق، والأسرار الكامنة في سريان الوحدة الذاتية بعد انقراض النشأة الأولى { فِي يَوْمٍ } معد لعروجه وصعوده { كَانَ مِقْدَارُهُ } أي: مقدار ذلك اليوم في الطول والامتداد { أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } [السجدة: 5] في هذه النشأة من الأيام والأعوام.