خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ
٤١
وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ
٤٢
وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ
٤٣
إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعاً إِلَىٰ حِينٍ
٤٤
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
٤٥
وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ
٤٦
-يس

تفسير الجيلاني

{ وَ } أيضاً { آيَةٌ } عظيمة منا إياهم { لَّهُمْ } أي: يتسدلون بها أيضاً على كمال قدرتنا، ويواظبون على شكر نعمتنا، وتلك الآية { أَنَّا } من كمال تربيتنا وتدبيرنا إياهم { حَمَلْنَا } أولاً عند طوفان نوح عليه السلام { ذُرِّيَّتَهُمْ } أي: آباءهم وأسلافهم، فإن اسم الذرية كما يطلق على الأبناء يطلق على الآباء أيضاً باعتبار أنهم كانوا أبناء لآباء أخر { فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } [يٍس: 41] المملوء منهم ومن سائر الحيوانات التي لا تعيش في الماء عناية منا إياهم وإبقاء لنسلهم.
{ وَخَلَقْنَا لَهُمْ } أي: قدرنا وجعلنا لهم اليوم منا إياهم { مِّن مِّثْلِهِ } أي: سقنا من جنسة، وهو { مَا يَرْكَبُونَ } [يس: 42] في متجارهم وأسفارهم في البحر.
{ وَإِن نَّشَأْ } إفنائهم واستئصال نوعهم بالمرة { نُغْرِقْهُمْ } بالطوفان { فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ } أي: لا مغيث لهم حنيئذ ينصرهم وينجيهم من الغرق { وَلاَ هُمْ } بأنفسهم { يُنقَذُونَ } [يس: 43] وينجون من تلك المهلكة.
{ إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا } أدركتهم وأنجتهم من الغرق { وَ } أملهناهم أيضاً بعد إنجائنا إياهم { مَتَاعاً إِلَىٰ حِينٍ } [يس: 44] أي: تمتيعاً لهم ولأخلاقهم وذرياتهم إلى قيام الساعة كي نختبرهم، هل يصلون إلى ما جبلوا لأجله من المعرفة والتوحيد والهداية والإيمان مع أنا أرسلنا إليهم الرسل والأنبياء مبشرين ومنذرين؟!.
{ وَ } هم - أي: أسلافهم - مثل هؤلاء الضالين { إِذَا قِيلَ لَهُمُ } إصلاحاً لأحوالهم { ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ } مما جرى على أسلافكم من الوقائع الهائلة والنوائب الشديدة السالفة، والواصلة إليهم بشئوم مفاسدهم وطغيانهم على الله وعلى أنبيائه ورسله بالخروج عن إطاعتهما وانقيادهما { وَ } احذروا عن { مَا خَلْفَكُمْ } من العذاب الموعود لعصاة العباد، المتمردين على ربقة العبودية وصراط التوحيد، الضالين عن جادة السلامة بترك مقتضيات الحدود الإلهية { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [يس: 45] من عند الله بتقواكم عن محارمه ومحظوراته.
{ وَ } هم أيضاً أمثالكم أيها المفرطون في الإعراض عن الحق في سبيله، بل { مَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ } مشيرة لهم إلى ما يعينهم ويليق بحالهم، رادعة عما لا يعنيهم { مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ } الصادرة عن محض الحكمة والعدالة { إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } [يس: 46] مكذبين لها، مستهزئين بمن جاء بها أمثالكم.