خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْـلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَـادٍ
٣٦
وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي ٱنتِقَامٍ
٣٧
وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّـلُ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ
٣٨
-الزمر

تفسير الجيلاني

{ أَلَيْسَ ٱللَّهُ } القديم العليم { بِكَافٍ عَبْدَهُ } المتوكل عليه، المفوض أمره إليه ليكفيه ما ينفعه، ويكف عنه ما يضره { وَ } هم من جهلهم بالله وكمال علمه وقدرته { يُخَوِّفُونَكَ } يا أكمل الرسل؛ يعني: قريشاً { بِٱلَّذِينَ } أي: بأصنامهم الذين يدعونهم آلهة { مِن دُونِهِ } سبحانه جهلاً وعناداً، ويقولون لك على سبيل النصيحة: لا تذكرهم بسوء، فإنَّا نخاف عليك أن يخبلوك، ويفسدوا عقلك، وما ذلك إلا من نهاية جهلهم بالله، وغوايتهم عن طريق توحيده { وَمَن يُضْـلِلِ ٱللَّهُ } بمقضتى قهره وجلاله { فَمَا لَهُ مِنْ هَـادٍ } [الزمر: 36].
{ وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ } إذ هو فاعل على الإطلاق بالختيار والاستحقاق لا يجرى في ملكه إلا ما يشاء { أَلَيْسَ ٱللَّهُ } العليم القدير { بِعَزِيزٍ } منيع غالب على أمره { ذِي ٱنتِقَامٍ } [الزمر: 37] شديد على من أراد انتقامه من أعدائه.
ثم أشار سبحانه إلى توضيح توحيده تعريضاً على المشركين، وتسجيلاً على غوايتهم وغباوتهم، فقال مخاطباً لحيبيه صلى الله عليه وسلم: { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ } يا أكمل الرسل؛ يعني: كفار قريش { مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } أي: العلويات والسفليات، وما بينهما من الممتزجات، ومن أوجدها وأحدثها وأظهر ما فيها من العجائب والغرائب { لَيَقُولُنَّ } ألبتة: { ٱللَّهُ } المتفرد بالخلق والإيجاد، المتوحد بالألوهية والربوبية؛ إذ لا يسع لهم العدول عنه لظهوره.
{ قُلْ } لهم يا أكمل الرسل بعدما سمعت منهم قولهم هذا، إلزاماً لهم وتبكيتاً: { أَفَرَأَيْتُم } عياناً أو سمعتم بياناً من { مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } من هؤلاء المعبودات الباطلة، وتدعونها آلهة شركاء مع الله قوة المقاومة وقدرة المخاصمة معه سبحانه مثلاً { إِنْ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ } وجرى حكمه على أن يمسني { بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ } أي: آلهتكم { كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ } سبحانه عني على سبيل المعارضة { أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ } فائضة من عنده علي { هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ } يمنعونها عني، ويدفعون وصولها إلي؟!.
وبعدما بهتوا وسكتوا عند سماع هذه المقالة نادمين { قُلْ } يا أكمل الرسل كلاماً ناشئاً عن محض التوحيد واليقين، خالياً عن أمارات الريب واليقين والتخمين { حَسْبِيَ ٱللَّهُ } الواحد الأحد الصمد الكافي لمهام عموم عباده، الرقيب عليهم في جميع حجالاتهم ؛ إذ { عَلَيْهِ } لا على غيره من الوسائل والأسباب العادية { يَتَوَكَّـلُ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } المفوضون أمورهم كلها إليه، حيث يتخذونه وكيلاً، ويعتقدونه كافياً وحسيباً.