{ وَ } منهم، بل أسوأ حالاً: { ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ } لا لامتثال أمر الله وطلب رضاه بل { رِئَـآءَ ٱلنَّاسِ } ليعتقدوا لهم ويكسبوا الجاه والرئاسة بسبب اعتقادهم { وَ } مع هذا الوهم المزخرف { لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } الرحيم التواب الكريم الوهاب { وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } المعد لجزاء العصاة الغواة حتى يتوب عليهم ويغفر زلتهم وهم من جنود الشيطان وقرنائه { وَمَن يَكُنِ ٱلشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً } يحمله على أمثال هذه الأباطيل الزائفة ويوقعه في المهاوي الهائلة { فَسَآءَ } الشيطان { قِرِيناً } [النساء: 38] أيها المتوجهون إلى الله، الراغبون عما سواه، فعليكم أن تجتنبوا عن غوائله.
ثم قال سبحانه توبيخاً لهم وتنبيهاً لغيرهم: { وَمَاذَا } يعرض { عَلَيْهِمْ } ويلحق لهم من المكروه { لَوْ آمَنُواْ بِٱللَّهِ } المتوحد في الألوهية، المتفمرد بالقيومية { وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } المعد ليرى فيه كل جزاء ما عمل من خير وشر { وَأَنْفَقُواْ } ما أنفقوا { مِمَّا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ } خالصاً لرضاه بلا شوب المن والأذى والسمعة والرياء { وَكَانَ ٱللَّهُ } المطلع { بِهِم } وبجميع أحوالهم { عَلِيماً } [النساء: 39] بضمائرهم، لا يعزب عن علمه شيء مما كان ويكون، وكيف يعزب عن علمه شيء من أحوالهم؟!
{ إِنَّ ٱللَّهَ } المجازي لأعمالهم { لاَ يَظْلِمُ } عليهم ولا ينقص من أجورهم { مِثْقَالَ } مقدار أجر { ذَرَّةٍ } صغيرة قريبة من العدم جداً { وَإِن تَكُ } تلك الذرة { حَسَنَةً } صادرة عنهم مقارنة بالإخلاص { يُضَٰعِفْهَا } حسب فضله وطوله إلى سبعة بل إلى سبعين بل إلى ما شاء الله { وَ } مع تضعيفها { يُؤْتِ } للمخلصين { مِن لَّدُنْهُ } امتناناً عليهم وتفضيلاً { أَجْراً عَظِيماً } [النساء: 40] هو الفوز بمقام الكشف والشهود.
آتنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
{ فَكَيْفَ } لا تفوزون أنتم أيها المحمديون ما تفوزون؟ إنا { إِذَا جِئْنَا } في يوم الجزاء { مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ } نبي مرسل إليهم ومهد لهم إلينا بإذن منا بطريق مخصوص { وَجِئْنَا بِكَ } يا أكمل الرسل، الجامع لجميع المراتب والطرق من توحيد الصفات والأفعال { عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ } الأمناء الخلص { شَهِيداً } [النساء: 41] أرشدتهم إلينا بالدين الناسخ لجميع الأديان.