خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً
٨٣
فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً
٨٤
مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً
٨٥
-النساء

تفسير الجيلاني

{ وَ } من ضعفه المسلمين قوم { إِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ } موجبات { ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ } أي: فشوه ونشروه سواء كان واقعاً أما أراجيف، ولحق للمسلمين بسبب تلك الإذاعة والأشاعة ما لايليق بهم { وَلَوْ } أنهم حين سمعوا الخبر { رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ } أصحاب الرأي والتدبير { مِنْهُمْ } ليتأملوا فيه ويتبصروا { لَعَلِمَهُ } واستخرجه البتة المجتهدون { ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ } وأمثاله { مِنْهُمْ } وجهاً موجباً للإفشاء أو الإسرار، ولا تغتروا أيها المؤمنون بعقولكم، ولا تستبدوا برأيكم { وَ } اعلموا أنه { لَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } بإرسال الرسول فيكم، وإنزال الكتب علكيم { وَرَحْمَتُهُ } الشاملة بكم بتوفيقكم على الإيمان، ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم { لاَتَّبَعْتُمُ } بأجمعكم { ٱلشَّيْطَانَ } المضل عن طريق الحق { إِلاَّ قَلِيلاً } [النساء: 83] منكم، وهم الذين استثناهم الله سبحانه في سابق عمله تفضلاً عليهم وامتناناً، وإن انصرفوا عنك بالمرة وانتشروا من حولك.
{ فَقَاتِلْ } بنفسك يا أكمل الرسل { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } إذ { لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ } ولا تحمل أعباء الرسالة إلا عليك، فعليك أن تشعر ذيلك لأمر الجهاد، لا تبال بإعانتهم وانتصارهم، ولا بتقاعدهم وانتشارهم، فإن الله ناصرك ومعينك لا الجنود { وَحَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي: رغبهم على القتال؛ إذ ما عليك في شأنهم إلا الترغيب والتبليغ سواء قبلوا أو لم يقبلوا، ولا تخف من كثرة المشركين وعظم شركهم { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ } أي: يمحو عن قبلك { بَأْسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني: قريشاً { وَٱللَّهُ } المنتقم المقتدر بالقوة التامة الكاملة { أَشَدُّ بَأْساً } مهابة { وَأَشَدُّ تَنكِيلاً } [النساء: 84] تعذيباً من هؤلاء الغواة الطغاة، يكفيك مؤونة شرورهم عن قريب، وقد كفاه بأن ألقى في قلوبهم الرعب، فرجعوا خائبين خاسرين.
{ مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً } يراعي بها حق الله وحقوق عباده، ويرغبهم بها على الخير، ويبعدهم عن الشر، خالصاً لرضا الله بلا تغرير لنفسه وجلب نفع لها، أو دفع ضر عنها { يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا } من ثواب الشفاعة التي تسبب لها، والدعاء الخير للأخ المسلم من هذا القبيل، قال عليه السلام:
"من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب استجيب له، وقال الملك: ولك مثل ذلك" { وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً } يحمل بها إلى ارتكاب محرم، أو يوقعهم في فتنة وبلية { يَكُنْ لَّهُ } أيضاً { كِفْلٌ } نصيب { مِّنْهَا } من أوزارها وآثامها المترتبة عليها مثل فاعلها بل أزيد { وَكَانَ ٱللَّهُ } المجازي لعباه { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من الحسنة والسيئة { مُّقِيتاً } [النساء: 85] مقتدراً على جزاء كل منهما فضلاً وعدلاً.