{ وَإِذَا حُيِّيتُم } أيها المؤمنون { بِتَحِيَّةٍ } ناشئة من أخيكم المسلم { فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ } أي: زيدوا عليها؛ وفاء لحق المبادرة { أَوْ رُدُّوهَآ } كمثلها بلا نقصان شيء منها؛ وفاء لحق المؤاخاة { إِنَّ ٱللَّهَ } المراقب لجميع حالاتكم { كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } صدر عنكم من خير وشر ونفع وضر { حَسِيباً } [النساء: 86] يحاسبكم بلا فوت شيء، ويجازيكم على مقتضى حسابه.
{ ٱللَّهُ } الجامع لجميع مراتب الأسماء الموجودة المريبة لمسمياتكم وهوياتكم { لاۤ إِلَـٰهَ } لا موجودة ولا مربي لكم في الوجود { إِلاَّ هُوَ } الحي القيوم الذي لا يعرض له التغيير مطلقاً { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } وليحشرنكم من قبور تعيناتكم { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } التي عرضوا فيها إلى الله، وحشروا نحوه مسنلخين عن هوياتكم الباطلة { لاَ رَيْبَ فِيهِ } وفي جمعه، فلكم بعدما أخبرتم أن تصدقوه { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً } [النساء: 87] حتى تصدقوا حديثه وتؤمنوا، فعلكيم ألاَّ تخالفوا حكم الله وأمره بعد وروده.
وإذا كان الأمر على هذا { فَمَا } أي شيء عرض ولحق { لَكُمْ } أيها المؤمنون { فِي } أمر { ٱلْمُنَافِقِينَ } حتى تكونوا { فِئَتَيْنِ } فرقتين، ولم تتفقوا على كفرهم وشركهم { وَٱللَّهُ أَرْكَسَهُمْ } الحال أنه سبحانه قلبهم وردهم إلى كفرهم { بِمَا كَسَبُوۤاْ } لأنفسهم من الشرك بالله - العياذ بالله - والبغض مع رسوله والنفاق مع المؤمنين { أَتُرِيدُونَ } بهذا التفرق والتردد في أمرهم { أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ } وتخالفوا كلمه، كأنكم لم تصدقوه { وَ } اعلم أيها الكامل في أمر الرسالة { مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } عن نور الإيمان والهداية { فَلَن تَجِدَ } أنت مع كونك ممن أذن بالكشف عنه { لَهُ سَبِيلاً } [النساء: 88] إلى الهداية فضلاً عن أن يجده غيرك، وهم من غاية بغضهم معكم.