خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مَنْ عَمِـلَ سَـيِّئَةً فَلاَ يُجْزَىٰ إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِـلَ صَالِحاً مِّن ذَكَـرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ
٤٠
وَيٰقَوْمِ مَا لِيۤ أَدْعُوكُـمْ إِلَى ٱلنَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِيۤ إِلَى ٱلنَّارِ
٤١
تَدْعُونَنِي لأَكْـفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ إِلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلْغَفَّارِ
٤٢
-غافر

تفسير الجيلاني

واعلموا أيها المجبولون على فطرة التكليف أن { مَنْ عَمِـلَ } في النشأة الأولى { سَـيِّئَةً } جالبة لغضب الله، مستتبعة لعذابه { فَلاَ يُجْزَىٰ } في النشأة الأخرى { إِلاَّ مِثْلَهَا } بمقتضى العدل الإلهي { وَمَنْ عَمِـلَ صَالِحاً } مستجلباً لنعم الله وموائد كرمه، سواء كان { مِّن ذَكَـرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَ } الحال أنه { هُوَ مُؤْمِنٌ } موقن بتوحيد الله، مصدق برسله وكتبه { فَأُوْلَـٰئِكَ } السعداء المقبولون عند الله { يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ } في النشأة الأخرى { يُرْزَقُونَ فِيهَا } رزقاً صورياً ومعنوياً رغداً واسعاً { بِغَيْرِ حِسَابٍ } [غافر: 40] بلا تقدير وموازنة مثل أرزاق الدنيا.
{ وَ } قال القائل المذكور أيضاً على سبيل الملاينة والمجاراة في صورة المناصحة والمقابلة، إيقاضاً لهم عن سنة الغفلة، وتتميماً للغرض المسوق له الكلام: { يٰقَوْمِ مَا لِيۤ } أي: أي شيء عرض علي ولحق لي { أَدْعُوكُـمْ } أنا من كمال عطفي ومرحمتي إياكم { إِلَى ٱلنَّجَاةِ } من عذاب الله وحلول غضبه، وإلى دخول الجنة المشتملة على أنواع اللذات الجسمانية والروحانية المعدة لأهل التوحيد والإيمان { وَ } أنتم { تَدْعُونَنِيۤ إِلَى ٱلنَّارِ } [غافر: 41] المعدة لأصحاب الخيبة والخذلان.
إذ { تَدْعُونَنِي لأَكْـفُرَ بِٱللَّهِ } الواحد الأحد الصمد، المتفرد بالألوهية والربوبية، وأنكر وجوده { وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ } أي: أشرك به شيئاً لم يتعلق علمي بألوهيته وشركته مع الله لا يقيناً ولا ظناً ووهماً؛ إذ هو جماد ماله شعور { وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ } بمقتضى الوحي الإلهي المنزل على رسول الله المؤيد بالعقل الفطري المفاض لخواص عباده من لدنه سبحانه { إِلَى ٱلْعَزِيزِ } القادر الغالب في أمره بلا فتور وقصور { ٱلْغَفَّارِ } [غافر: 42] الستَّار لنفوس السوى والأغيار مطلقاً.