خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لاَ جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلاَ فِي ٱلآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ
٤٣
فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِيۤ إِلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ
٤٤
فَوقَاهُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ
٤٥
ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ
٤٦
-غافر

تفسير الجيلاني

{ لاَ جَرَمَ } أي: حق وثبت { أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ } وتمدونني نحوه { لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ } أي: لا يتأتى منه الدعوة والهداية والإرشاد، ولا { فِي ٱلدُّنْيَا وَلاَ فِي ٱلآخِرَةِ } إذ لا يتيسر للجمادات دعوة الإنسان وتكميله مطلقاً، { وَ } بعدما انقضى أمر آلهتكم وعدم لياقتهم بالألوهية والربوبية، ظهر { أَنَّ مَرَدَّنَآ } ومرجعنا؛ يعني: أنا وأنتم وسائر العباد والمظاهر عموماً { إِلَى ٱللَّهِ } الواحد الأحد الصمد الحقيق بالحقية، بلا توهم الشركة والنزاع رجوع الأظلال إلى الأضواء، والأمواج إلى الماء { وَ } ظهر أيضاً { ٱلْمُسْرِفِينَ } الخائضين في توحيده سبحانه بالهذيانات التي تركبها أوهامهم وخيالاتهم، بلا تأييد من وحي إلهي وعقلي فطري { هُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } [غافر: 43] ملازموها وملاصقوها أبد الآباد.
{ فَسَتَذْكُرُونَ } أيها الممكرون الممقوتون حين تعاينون وتدخلون النار { مَآ أَقُولُ لَكُـمْ } على وجه النصح من شأن العذاب الموعود لكم في النشأة الأخرى، وبعدما سمعوا من الوعيدات الهائلة، أضمروا في نفوسهم عداوته والإنكار عليه، وقصدوا مقته { وَ } لما تفرس منهم السوء، قال مسترجعاً إلى الله متوكلا نحوه: { أُفَوِّضُ أَمْرِيۤ } أي: حفظي وحصانتي عن شروركم { إِلَى ٱللَّهِ } المراقب على محافظة عباده المتوكلين عليه، المتوجهين نحو جنابه، يكفي بلطفه مؤنة شروركم عني وإساءتكم عليَّ { إِنَّ ٱللَّهَ } القادر العليم { بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } [غافر: 44] الخُلَّص، ما في ضمائرهم من الإخلاص والاختصاص.
قيل: فرَّ منهم إلى جبل، فأرسل فرعون جماعته لطلبه، فلحقوه وهو في الصلاة والوحوش حوله صافين حافين، يحرسون عما يضره، فلم يظفروا عليه، فرجعوا خائبين فقتلهم.
وبالجملة: { فَوقَاهُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ } أي: حفظه الله الرقيب عليه من شدائد مكرهم وإساءتهم عليه { وَحَاقَ } وأحاط { بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ } [غافر: 45] النازل إليهم من عند الله العزيز الغيور.
وهي: { ٱلنَّارُ } لتعذيب أصحاب الشقاوة الأزلية الأبدية، ولهذا { يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا } أي: فرعون وآله على النار حال كونهم في برزخ القبر { غُدُوّاً وَعَشِيّاً } دائماً في جميع الأزمان قبل انقراض النشأة الأولى { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ } يحشرون من قبورهم صرعى مبهوتين، قيل لهم من قِبل الحق بلا كشف وتفتش عن حالهم: { أَدْخِلُوۤاْ } يا { آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ } [غافر: 46] أي: أفزعه وأخلده، أو قيل للملائكة الموكلين عليهم لتعذيبهم: أدخلوا آل فرعون أشد العذاب وأسوأ النكال والوبال، وهو تخليدهم في نار القطيعة على القرائتين.