خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

حـمۤ
١
تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ
٢
غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ ذِي ٱلطَّوْلِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ
٣
مَا يُجَادِلُ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي ٱلْبِلاَدِ
٤
كَـذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَٱلأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُـلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِٱلْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ
٥
-غافر

تفسير الجيلاني

{ حـمۤ } [غافر: 1] يا حامل الوحي وحاميه، ويا ماحي الغير والسوى عن لوح الضمير مطلقاً.
{ تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ } الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه، إليك يا أكمل الرسل تأييداً لك في أمرك وشأنك { مِنَ ٱللَّهِ } أي: من الذات المعبر بهذا الاسم الجامع { ٱلْعَزِيزِ } المنيع الغالب ساحة عز حضوره عن أن يحوم حول وحيه شائبة الريب والتخمين { ٱلْعَلِيمِ } [غافر: 2] الذي لا يعزب عن حيطة علمه شيء مما جرى عليه قضاؤه.
{ غَافِرِ ٱلذَّنبِ } أي: ساتر ذنوب الأنانيات، والهويات الحاصلة من انصباغ التعينات العدمية بصيغ الأسماء والصفات { وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ } أي: التوبة والرجوع على وجه الإخلاص والندم من إثبات الوجود لغيره سبحانه { شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ } على من خرج عن ربقة عبوديته بإسناد الحوادث إلى نفسه، أو إلى مثله في الحدوث والمخلوقية { ذِي ٱلطَّوْلِ } والغني عن توحيد الموحد وإلحاد المشرك الملحد؛ لأنه في ذاته { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } ولا موجود سواه يُعبد له ويُرجع إليه في الخطوب؛ إذ { إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } [غافر: 3] أي: مرجع الكل إليه سواء وحدَّه الموحدون، أو ألحد في شأ،ه الملحدون المشركون.
ثم قال سبحانه توضيحاً وتصريحاً لما عُلم ضمناً: { مَا يُجَادِلُ } ويكابر { فِيۤ } شأن { آيَاتِ ٱللَّهِ } ودلائل توحيده واستقلاله في الآثار المترتبة على شئونه وتجلياته { إِلاَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وستروا ظهور شمس الذات، وتحققها في صفحات الكائنات بغيوم هوياتهم الباطلة وتعيناتهم العاطلة { فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي ٱلْبِلاَدِ } [غافر: 4] أي: لا يغررك يا أكمل الرسل إمهالنا إياهم، يتقبلون في بلاد الإمكان وبقاع الهيولي عن إمهالنا وعدم انتقامنا منهم بالطرد إلى هاوية العدم وزاوية الخمول.
وإن كذبوك يا أكمل الرسل في دعوتك وشأنك وعاندوا معك، فاصبر على أذاهم وتذكر كيف { كَـذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ } أخاك نوحاً، وكيف صبر هو حتى ظفر عليهم حين ظهر أمرنا، وجرى حكمنا بأخذهم واستئصالهم { وَ } كيف كذبت { ٱلأَحْزَابُ } والأمم الكثيرة { مِن بَعْدِهِمْ } أي: بعد قوم نوح رسلهم المبعوثين إليهم للهداية والإرشاد.
{ وَ } بالجملة: { هَمَّتْ } وقصدت { كُـلُّ أُمَّةٍ } من الأمم الماضية { بِرَسُولِهِمْ } المرسل إليهم { لِيَأْخُذُوهُ } ويِأسروه، بل ليقتلوه أو يستحقروه ويهينوه { وَجَادَلُوا } أولئك الهالكون المنهمكون في تيه الكبر والعناد معهم { بِٱلْبَاطِلِ } الزاهق الزائل في نفسه { لِيُدْحِضُواْ بِهِ } ويزيلوا به { ٱلْحَقَّ } الحقيق بالإطاعة والاتباع { فَأَخَذْتُهُمْ } واستأصلهم بعدما أمهلتهم زماناً، يعمهون في طغيانهم، ويترددون في بنيانهم { فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } [غافر: 5] إياهم حين حلَّ عليهم ما حلَّ من العذاب.