{وَ} كيف لا يكون عيسى عبداً من عبادنا، اذكر لهم يا أكمل الرسل {لَمَّا جَآءَ عِيسَىٰ} إلى بني إسرائيل من عندنا مؤيداً {بِٱلْبَيِّنَاتِ} الباهرة التي ما ظهر مثلها من نبي من الأنبياء {قَالَ} مظهراً لهم الدعوة إلى طريق الحق وتوحيده: {قَدْ جِئْتُكُم} من عند ربي {بِٱلْحِكْمَةِ} البالغة {وَ} إنما جئتكم {لأُبَيِّنَ} أوضح وأظهر {لَكُم} طريق العبودية والعرفان سيما {بَعْضَ ٱلَّذِي} أي: بعض المعالم الدينية التي {تَخْتَلِفُونَ فِيهِ} وفي نزوله في كتب الله، وعدم نزوله فيها {فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ} أولاً حق تقاته {وَأَطِيعُونِ} [الزخرف: 63] فيما جئت لكم من عنده.
{إِنَّ ٱللَّهَ} المتوحد المتفرد بالألوهية والربوبية {هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ} دبر أمري وأمركم، وبينه في كتابه {فَٱعْبُدُوهُ} بمقتضى وحيه وإنزاله، واعلموا أن {هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} [الزخرف: 64] موصل إلى توحيده الذي جبلتم لأجله، إن كنتم مؤمنين موقنين.
وبعدما تم أمر الدعوة والتبليغ {فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ} وتفرقا تفرقاً ناشئاً {مِن بَيْنِهِمْ} أي: من بين قومه المبعوث إليهم، بعدما دعاهم إلى طريق الحق وتوحيده، وهداهم إلى صراط مستقيم {فَوَيْلٌ} عظيم وعقاب شديد يتوقع {لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ} خرجوا عن مقتضى العبودية المأمورة لهم بالوحي الإلهي {مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ} [الزخرف: 65] مؤلم في غاية الإيلام.
{هَلْ يَنظُرُونَ} أي: ما ينظرون وينتظرون {إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ} الموعودة قيامها {أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} فجأة بلا سبق مقدمة وأمارات {وَهُمْ} من غاية اشتغالهم بالملاهي الدنيوية {لاَ يَشْعُرُونَ} [الزخرف: 66] إيتانها إلا وقت وقوعهم في أهوالها.
{ٱلأَخِلاَّءُ} والأحباء {يَوْمَئِذٍ} من شدة الهول والفزع {بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} إذ يتذكرون حينئذ ما جرى بينهم من المعاونة والمشاركة في الإعراض عن الله وكتبه ورسله، وعدم الانقياد والإطاعة للدين القويم {إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67] أي: الأحياء الذين تحابوا في الله، وتشاركوا في طريق توحيده.