خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ
٦٨
ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ
٦٩
ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ
٧٠
يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٧١
وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِيۤ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٧٢
لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ
٧٣
-الزخرف

تفسير الجيلاني

ثم التفت يومئذ سبحانه إلى خُلَّص عباده الذين اتقوا عن محارمه، طلباً لمرضاته، منادياً لهم على رءوس الأشهاد: { يٰعِبَادِ } ناداهم وأضافهم إلى نفسه اختصاصاً لهم وتكريماً: { لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ } لخوفكم عن مقتضى قهرنا وجلالنا في النشأة الأولى { وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } [الزخرف: 68] اليوم؛ لتصبركم على الشدائد ومقاساة الأحزان في طريق الإيمان في دار الابتلاء.
وهؤلاء البررة المبشرون هم { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِآيَاتِنَا } المنزلة على رسلنا، وامتثلوا بمقتضاها { وَ } بالجملة: { كَانُواْ مُسْلِمِينَ } [الزخرف: 69] منقادين مطيعين، مفوضين أمورهم كلها إلى الله، راضين بجميع ما قضى عليهم، وكتب لهم من المنح والمحن.
لذلك نودوا حينئذ من قبل الحق على سبيل البشارة والكرامة: { ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ } المعدة لخُلَّص أوليائنا الذي اتخذونا وكيلاً { أَنتُمْ } أصالة { وَأَزْوَاجُكُمْ } أي: نساؤكم المؤمنات المتوكلات الراضيات من الله بما قسم لهن المجتنبات عن محارم الله حال كونكم { تُحْبَرُونَ } [الزخرف: 70] تبهجون وتسرون فيها على وجه يظهر أثر البهجة والمسرة في وجوهكم، ويلوح من سيماكم.
وبعدما تقرروا في مقام العز والتكريم، وتمكنوا في مكمن التمجيد والتعظيم: { يُطَافُ عَلَيْهِمْ } أي: يطوف حولهم خدمة الجنة { بِصِحَافٍ } جمع: صحفةٍ، وهي القطعة الكبيرة المتخذة { مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ } جمع: كوب، وهي الكوز التي لا عرى لها أيضاً متخذة منها { وَ } بالجملة: { فِيهَا } أي: في الجنة { مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ } من اللذات والشهوات المدركة بآلاتها { وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ } أي: من المحسوسات التي استحسنتها العيون واستلذذون بها، { وَ } بالجملة: { أَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [الزخرف: 71] دائمون لا تتحولون منها أبد الآبدين.
{ وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِيۤ } تفوزون بها { أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [الزخرف: 72] من الأعمال المصورة بها، المنتجة لها، المأمورة لأجلها.
وبالجملة: { لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ } من المستلذات الروحانية والجسمانية { مِّنْهَا تَأْكُلُونَ } [الزخرف: 73] ومنها تتفكهون جزاءً بما كنت تعملون.