خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

حـمۤ
١
تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ
٢
إِنَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لأيَٰتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ
٣
وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٍ ءَايَٰتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ
٤
وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَآ أَنَزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَّن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ ءَايَٰتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
٥
تِلْكَ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ ٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِ يُؤْمِنُونَ
٦
-الجاثية

تفسير الجيلاني

{ حـمۤ } يا حاوي الوحي والإلهام ومزيل الشبه الحادثة من الأوهام وذي الأحلام.
{ تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ } الجامع لجميع مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم على الإطلاق { مِنَ ٱللَّهِ } المحيط لعموم الأنفس والأفاق { ٱلْعَزِيزِ } المنيع ساحة عز حضوره عن أن يحيط به الإدراك { ٱلْحَكِيمِ } [الجاثية: 2] المتقن في أفعاله، بحيث لا يكتنه حكمته أصلاً.
اعلموا أيها الأظلال الهالكة في شمس الذات { إِنَّ فِي } خلق { ٱلسَّمَٰوَٰتِ } ورفعها وتنظيمها مطبقة { وَ } في خفض { ٱلأَرْضِ } وبسطها ممهدة { لأيَٰتٍ } دلائل واضحات وشواهد لائحات على كمال قدرة الصانع الحكيم ومتانة حكمته وتدبيراته { لِّلْمُؤْمِنِينَ } [الجاثية: 3] الموقنين بوحدة الحق وكمال أسمائه وصفاته، هذا في خلق الآفاق.
{ وَفِي خَلْقِكُمْ } أي: في خلق أنفسكم وإيجادكم من كتم العدم { وَ } كذا في أنفس { مَا يَبُثُّ } ينتشر ويتفرق على الأرض { مِن دَآبَّةٍ } مركبة من العناصر متحركة على وجه الأرض من أنواع الحيوانات والحشرات وأصنافها { ءَايَٰتٌ } دلائل وشواهد واضحات { لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [الجاثية: 4] وحدة الحق وينكشفون بشؤونه وتجلياته التي لا تعد ولا تحصى.
{ وَ } كذا في { ٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } وإيلاجهما وازديادهما وانتقاصهما في الفصول الأربعة حسب الأوضاع الفلكية وأشكالها، وارتفاع الشمس وانحطاطها { وَمَآ أَنَزَلَ ٱللَّهُ } المدبر لأمور عباده { مِنَ } جانب { ٱلسَّمَآءِ مَّن رِّزْقٍ } بعد تصعيد الأبخرة والأدخنة وتراكمها سحباً وصيرورتها ماء في غاية الصفاء { فَأَحْيَا بِهِ } بإنزال المطر { ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } يبسها وجفافها { وَ } في { تَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ } السائقة للسحب إلى الأراضي الميتة اليابسة، بعد تعلق إرادته سبحانه بإحيائها { ءَايَٰتٌ } أنواع من الدلائل القاطعة والبراهني الساطعة على وحدة القادر العليم الحكيم { لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [الجاثية: 5] يستعلمون عقولهم في كيفية انبعاث هذه الأوضاع والحركات، وارتباط بعضهامع بعض، وترتب الأمور الغير المحصورة عليها، وانشعاب الحوادث الغير المتناهية منها.
وبالجملة: { تَلْكَ } الآيات المجملة الكلية { ءَايَٰتُ ٱللَّهِ } أي: بعض آياته الدالة على نبذ من كمالاته، وإلا فلا يفي درك أحد من عباده لتفصيل كمالاتها كلها { نَتْلُوهَا } ونقصها { عَلَيْكَ } يا أكمل الرسل تأييداً لأمرك وتعظيماً لشأنك ملتبسة { بِٱلْحَقِّ } بلا ريب فيه وتردد، وإنما نتلوها عليك لتبين لهم بها طريق توحيدنا، وتنبههم على وحدة وكمالات أسمائنا وصفاتنا { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ } أي: فهم بأي كلام وقول { بَعْدَ } نزول كتاب { ٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِ } المنزلة من عنده المبينة لتوحيده { يُؤْمِنُونَ } [الجاثية: 6] يذعنون ويوقنون.