خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ
٣٠
وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَفَلَمْ تَكُنْ ءَايَٰتِى تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ
٣١
وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱلسَّاعَةُ لاَ رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا ٱلسَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ
٣٢
-الجاثية

تفسير الجيلاني

وبعدما تحاسبون على مقتضى كتبكم وصحائفكم: { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أذعنوا وأيقنوا بوحدة الحق، وصدقوا رسله وكتبه { وَ } مع كمال إيمانهم ويقينهم { عَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } من الأفعال والأخلاق تقرباً إلى الله، وتأدباً معه سبحانه بما يليق بعبوديته وتعظيم شأنه { فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ } الذي يوفقهم على الإيمان والتوحيد فِي سعة { رَحْمَتِهِ } وفضل وحدته وفضل لطفه { ذَلِكَ } الذي بشر به عباده المؤمنين المخلصين { هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ } [الجاثية: 30] والفضل العظيم، لا فوز أعظم منه وأعلى.
{ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } بالله وأنكروا وحدة ذاته، بل أثبتوا له شركاء ظلماً وزوراً، يقال لهم حينئذ من قبل الحق مستفهماً على سبيل التوبيخ والتقريع: { أَفَلَمْ تَكُنْ ءَايَٰتِى تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } أي: ألم يأتكم رسلي، ولم يتلوا عليكم آياتي الدالة على عظمة ذاتي وكمال قدرتي على أنواع الانتقامات والوعيدات، فكذبتم بهاوبهم، بل { فَٱسْتَكْبَرْتُمْ } على الرسل ومن قبول الآيات { وَ } بالجملة: { كُنتُمْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } [الجاثية: 31] مستكبرين، عادتكم الإجرام والعدوان.
{ وَ } من كمال استكباركم واغتراركم بما عندكم من الجاه والثروة { إِذَا قِيلَ } لكم إمحاضاً للنصح: { إِنَّ وعْدَ ٱللَّهِ } الذي وعدكم على ألسنة رسله وكتبه { حَقٌّ } مطلقاً، لا بدَّ وأن يقع الموعود منه سبحانه ألبتة بلا خلف في وعده { وَ } لا سيما { ٱلسَّاعَةُ } الموعودة آتية { لاَ رَيْبَ فِيهَا } وفي قيامها، وإذا سمعتم كلمة الحق عن أهله { قُلْتُم مَّا نَدْرِي } على وجه الاستبعاد والاستغراب { مَا ٱلسَّاعَةُ } الموعودة وما معنى قيامها والإيمان بها { إِن نَّظُنُّ } أي: ما نظن بها وفي شأنها { إِلاَّ ظَنّاً } ضعيفاً، بل وهماً مرجوحاً سخيفاً؛ إذ ما لنا علم بها سوى الاستماع من أفواه الناس { وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ } [الجاثية: 32] بها حتى نؤمن لها وبقيامها، ونصدق بما فيها من المواعيد والوعيدات.