خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّيۤ أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ
١١٥
وَإِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ ٱللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ
١١٦
-المائدة

تفسير الجيلاني

{ قَالَ ٱللَّهُ } المطلع لاستعداداتكم { إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ } وإن لم تكونوا قابلين لها { فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ } أي: بعد نزولها { مِنكُمْ فَإِنِّيۤ } بعزتي وجلالي وقوتي { أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ } أي: لا أعذب مثله { أَحَداً مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ } [المائدة: 115] فكفروا بعد ذلك فمُسخوا عن لوازم الإنسانية بالمرة، ورُدوا إلى مرتبة الحيوانات وأخبثها، العياذ بالله من غضب الله.
{ وَ } اذكر { إِذْ قَالَ ٱللَّهُ } حين فشا غلو النصارى في حق عيسى وأمه، ونسبتهما إلى الألوهية، وقولهم بالتثليث والأقانينم والحلول والاتحاد: { يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ ٱللَّهِ } واعبدوني مثل عبادته، أم اتخذوك من تلقاء أنفسهم؟ { قَالَ } عيسى منزهاً لله، مبعداً نفسه إليها عن أمثاله: { سُبْحَانَكَ } أنزهك تنزيهاً عن أن يكون لك شريك { مَا يَكُونُ } ما يصح ويليق { لِيۤ أَنْ أَقُولَ مَا } أي: قولاً { لَيْسَ لِي بِحَقٍّ } لائق جائز أن أقوله، سيما بعد لطفك إلي، وفضلك وامتنانك علي { إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ } إذ { تَعْلَمُ } بالعلم الحضوري { مَا فِي نَفْسِي وَ } أنا { لاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ } وذاتك وشأنك وسلطانك { إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } [المائدة: 116].
وإنما خاطبه سبحانه، وعاتبه بما عابته مع أن الأمر معلوم عنده؛ ليوبخ ويقرع على الغالين المتخذين؛ لعلهم ينتهون بسوء صنيعهم، وقبح معاملتهم مع الله المتوحد، المتفرد المنزه بذاته عن الأهل والولد، الصمد المقدس الذي
{ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [الإخلاص: 3-4].