{يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ} أي: اليهود والنصارى المجبولين على الكفر والنفاق {قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا} أضافه إلى نفسه؛ تعظيماً وتوقيراً {يُبَيِّنُ} ويظهر {لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ ٱلْكِتَابِ} من أوامره ونواهيه، وأخباره المتعلقة بالزمان الماضي والآتي، سيما نعت خاتم الأنبياء والرسل - صلوات الله عليه وسلامه - وإنمَّا يبيِّن لكم المذكورات؛ لئلا يفوت منكم شيء من أمور الدين، ولا يؤخذون بها.
{وَ} مع ذلك {يَعْفُواْ} ويصفح {عَن} تبيين {كَثِيرٍ} من مخفياتكم من الكتب ممَّا لا يترتب عليه العذاب والنكال، فعليكم أن تؤمنوا به، وبما جاء به من عند ربه لإهدائكم إلى طريق توحيده؛ إذ {قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ} معه {نُورٌ} واضح {وَ} هو {كِتَابٌ مُّبِينٌ} [المائدة: 15] ظاهر لائح هدايته وإرشاده.
{يَهْدِي بِهِ ٱللَّهُ} الهادي لعباده {مَنِ ٱتَّبَعَ} منهم {رِضْوَانَهُ} أي: يرضى به {سُبُلَ ٱلسَّلاَمِ} أي: طريق التوحيد الموصلة إلى سلامة الوحدة، المسماة عند بدار السلام {وَيُخْرِجُهُمْ} أيك المتبعين رضوان {مِّنِ ٱلظُّلُمَاتِ} ظلمة العدم، وظلمة الإمكان وظلمة التعينات {إِلَى ٱلنُّورِ} أي: الوجود البحث، الخالص عن شوب الظلمة؛ إذ هو نور على نور، يهدي الله لنوره من يشاء من أهل العناية، وإنما يخرجهم {بِإِذْنِهِ} وتوفيقه، وجذب {وَ} بالجملمة: {يَهْدِيهِمْ} أن سيق لهم العناية منه {إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [المائدة: 16] موصل إلى توحيده.