خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَآلُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
١٧
وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ وَٱلنَّصَٰرَىٰ نَحْنُ أَبْنَٰؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ
١٨
-المائدة

تفسير الجيلاني

{ لَّقَدْ كَفَرَ } وأعرض عن الحق، ولم يعرف حق قدره { ٱلَّذِينَ } بالغوا في وصف عيسى عليه السلام، وغالوا فيه إلى أن { قَآلُوۤاْ } على سبيل الحصر، { إِنَّ ٱللَّهَ } المتجلي في الآفاق { هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ قُلْ } لهم يا أكمل الرسل تبكتاً لهم وإلزاماً: { فَمَن يَمْلِكُ } يدفع ويمنع { مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } من مراداته ومقدوراته { إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ } أي: يبقي على الهلاك الأصلي، والفناء الجبلي بلا مدّ من ظله، ورش من نوره { ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } لا يبالي الله به وبهم؛ إذ { وَللَّهِ } المنزه عن الأكوان مطلقاً { مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } متصرف فيها حسب إرادته واختياره إيجاداً وإعداماً { يَخْلُقُ } ويظهر { مَا يَشَآءُ } بلطفه، ويعدم ويخفي ما يشاء بقهره { وَٱللَّهُ } المتصف بجميع أوصاف الكمال { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } مقدر إرادته { قَدِيرٌ } [المائدة: 17] لا تفتر قدرته، ولا تنتهي إرادته ومشيئته.
{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ وَٱلنَّصَٰرَىٰ } من غاية مبالغتهم، وغلوهم في حق عيسى وعزير - عليهما السلام -: { نَحْنُ أَبْنَٰؤُاْ ٱللَّهِ } إذ نعبد نبيه { وَأَحِبَّٰؤُهُ } إذ نحبهما، وهما محبوباه { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل: { فَلِمَ يُعَذِّبُكُم } الله { بِذُنُوبِكُم } إن كنتم صادقين في هذه الدعوة، يعذبكم في الدنيا بالقتل والسبي والإجلاء، وضرب الذلة والمسكنة، وفي الآخرة بأضعاف ما في الدنيا وآلافها، فعليكم ألاَّ تغلوا في دينكم ونبيكم، ولا تفتروا على الله الكذب.
{ بَلْ أَنتُمْ } ونبيكم أيضاً { بَشَرٌ مِمَّنْ } أي: من جنس ما { خَلَقَ } الله بقدرته وأظهره حسب إرادته، فله التصرف فيكم وفيهم { يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ } تفضلاً وامتناناً { وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ } عدلاً وانتقاماً { وَ } اعلموا أن { للَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } يتصرف فيها كيف يشاء إرادة واختياراً { وَإِلَيْهِ } لا إلى غيره { ٱلْمَصِيرُ } [المائدة: 18] والرجع؛ إذ الكل منه بدأ، وإليه يعود.