خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآءُوكَ فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ
٤٢
وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ ٱلتَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ ٱللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ
٤٣
-المائدة

تفسير الجيلاني

وما هو إلا أنهم { سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ } المذكور، معتقدون صدقها ومطابتها للواقع ومسمعونهم أيضاً، وهم؛ أي: الأحبار { أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ } أي: الحرام الذين يرتشون منهم؛ بسبب تحريفهم نعتك يا أكمل الرسل من كتابهم؛ لتبقى رئاستهم وجاههم فأعرض عنهم وعن إيمانهم { فَإِن جَآءُوكَ } ليحكموك، إن شئب { فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ } وعن حكمهم، فلك الخيار.
{ وَ } لا تبال بهم وبعداوتهم { إِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ } فإنهم وإن عادوك أشد عداوة وبغضاً { فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً } من المكروه، فإن الله يعصمك ويكفيك من شرورهم { وَإِنْ حَكَمْتَ فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ } والعدل الذي هو أمر الحق ونطق به الفرقان { إِنَّ ٱللَّهَ } المستوي باسم الرحمن على عروش الذرائر معتدلاً بلا تفاوت { يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ } [المائدة: 42] المتعدلين من عباده، المائلين عن كلا طرفي الإفراط والتفريط، المنتهين إلى قعر الجحيم، وليس غرضهم من تحكيمك الإطاعة بك وبحكمك، والوثوق لأمانتك ووقوفك، بل ليس غرضهم إلا التسهيل والتيسير، والإعراض عن بعض الأحكام مداهنةً.
{ وَ } إلا { كَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ } مع عدم إيمانهم بك وبكتابك { وَ } الحال أنه { عِنْدَهُمُ ٱلتَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ ٱللَّهِ } على التفصيل، وم يدعون العلم بها { ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ } وينصرفون { مِن بَعْدِ ذٰلِكَ } أي: بعدما حكمت فيما حكموك فيه مع أنه مطالق لكتابهم { وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ } [المائدة: 43] أي: وما إعراض أولئك المؤمنين بكتابهم، الموقنين فيه حتى يحكموك مع كونهم عالمين بحكمك فيه.