{ قُل } يا أكمل الرسل على مقتضى ما أوحينا إليك: { لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ } أي: في القرآن الجامع لأحكام الكتب السابقة المستحضر لها { مُحَرَّماً } طعاماً حرمه الله { عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ } بل أجد كل ما يطعم حلالاً؛ إذ الأصل في الأشياء الحل { إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً } مات حتف أنفسه بلا زكاة { أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً } سائلاً جارياً مفروزاً عن اللحم { أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ } نجس في نفسه لا يقبل الزكاة أصلاً { أَوْ } ما يذبح من المحللات { فِسْقاً } خروجاً عن مقتضى الشرع بأن { أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ } حين ذبحه من أسماء الأصنام وغيرها، وما سوى هذه المستثنيات المذكورة فهو مباح { فَمَنِ ٱضْطُرَّ } أيضاً إلى تناول تلك المستثنيات حال كونه { غَيْرَ بَاغٍ } خارج على أهل الإسلام ظلماً { وَلاَ عَادٍ } مجاوز عن سد الجوعة { فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ } لمن تناولها ضرورة { رَّحِيمٌ } [الأنعام: 145] لا يؤاخذه عليها بل إن لم يتناول في محل الاضطرار، وهلك كان عاصياً البتة؛ لأنه تخريب لبيت الله وإبطال لصنعه بعدما رخص.
{ وَ } إن سألوك يا أكمل الرسل عن محرمات الأمم الماضية قل لهم نيابة عنا: { عَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } وحافر يمكن أن يخرج معها { وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ } من الشحوم { ظُهُورُهُمَا } وهي الثُّروب وشحوم الكلى { أَوِ } حملتها { ٱلْحَوَايَآ } أي: الأمعاء { أَوْ مَا ٱخْتَلَطَ } من الشحوم { بِعَظْمٍ } كالألية { ذٰلِكَ } أي: تحريم هذه الأشياء، وإن كان الأصل في الأشياء الحل والإباحة مطلقة بسبب أنا { جَزَيْنَٰهُم بِبَغْيِهِمْ } بها وظلمهمه وخروجهم عن حدودنا بلا ورود نص منا { وِإِنَّا لَصَٰدِقُونَ } [الأنعام: 146] في جميع ما أوحينا إليك من الأقوال والأخبار والمواعيد والوعيدات.