{قُلْ} يا أكمل الرسل للمحجوبين من أهل المظاهر المحرومين عن الرزق المعنوي، المحرومين عن التوجه نحو التوحيد في هذه النشأة: {مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَ} وأظهر {لِعِبَادِهِ} الخلص من ذرائر الكائنات بتجليات الأسماء والصفات {وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ} المعنوي والمستلذات الروحانية {قُلْ} لهم: {هِي} حاصلة {لِلَّذِينَ آمَنُواْ} بالتوحيد الإلهي {فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا} والنشأة الأولى حال كونهم مشوبة بالقوى البشرية والكدورات البهيمية {خَالِصَةً} لهم {يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ} بلا شوب كدورة حين انخلعوا من جلباب الهويات الباطلة والتعيينات العاطلة {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ} الدالة على توحيدنا {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 32] يذعنون بالإيمان وتوجهون نحو الكشف والعيان.
{قُلْ} يا أكمل الرسل المولي لتدبير مصالح العباد: {إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلْفَوَاحِشَ} القبائح الصادرة من أولي الأحلام السخيفة {مَا ظَهَرَ مِنْهَا} من الظلم وشهادة الزور ورمي المحصن والغيبة والنميمة، وغيرها من القبائح التي ظهرت من الألسنة والأيدي {وَمَا بَطَنَ} من القبائح التي صدرت من الفروج {وَ} بالجملة: كل ما يوجب {ٱلإِثْمَ} المستلزم للانتقام والعقاب {وَٱلْبَغْيَ} أي: الحروب على الولاة وجمهور المسلمين {بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ} بلا رخصة شرعية {وَ} أعظم المحرمات جرماً وأشدها انتقاماً {أَن تُشْرِكُواْ بِٱللَّهِ} المتوحد بذاته {مَا} أي: شيئاً من مصنوعاته مع أنه { لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً} حجة وبرهاناً {وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ} افتراءً ومراءً {مَا لاَ تَعْلَمُونََ} [الأعراف: 33] له، لا عقلاً ولا نقلاً.
{وَ} اعلموا أن {لِكُلِّ أُمَّةٍ} من الأمم العاصية الضالة {أَجَلٌ} مقدر من عند الله لمقتهم وهلاكهم {فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ} المقدر المبرم {لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34] أي: لا يسع لهم فيه طلب التأخير على مقتضى أهويتهم ولا طلب التقديم تخليصاً لنفوسهم من الأذى، بل أمرهم حتم نازل في وقته وحينه بلا تخلل تقدم وتأخير؛ لكمال قدرته ومتانة حكمته.
{يَابَنِيۤ ءَادَمَ} المستكملين القابلين للإرشاد والتكميل المستعدين لفيضان كمال التوحيد {إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ} أي: أن يأتينكم ويرسلن إليكم {رُسُلٌ مِّنكُمْ} من جنسكم وبني نوعكم؛ إذ هم أدخل لنصحكم وإرشادكم وأنسب لجذب قلوبكم، وأشفق عليكم من الأجانب حال كونهم {يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي} المنزلة من عندي، الدالة على وحدة ذاتي فعليكم أن تصدقوهم ونؤمنوا لهم وبما جاءوا به من عندي من الأوامر والنواهي {فَمَنِ ٱتَّقَىٰ} منكم عن محارم الله بواسطة رسله وآياته {وَأَصْلَحَ} أي: أخلص أعماله لله بلا ترقب على الجزاء {فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} لا في النشأة الأولى ولا في الأخرى {وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون} [الأعراف: 35] عن سوء المنقلب والمثوى.