{ وَ } من مكرنا أياهم أنَّا ختمنا على قلوبهم وسمعهم بختم القساوة والغفلة بحيث { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا } مع أنهم عارضوا زماناً، ثمَّ عجزوا مع وفوره دواعيهم، فلمَّا عجزوا عن إتيان مثله { قَالُواْ } مكابرةً وعناداً: { قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَا إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [الأنفال: 31] أي: أكاذيبهم التي سطروها في دواوينهم، لتعزيز السفهاء.
{ وَ } اذكر يا أكمل الرسل وقت { إِذْ قَالُواْ } من غاية عتوهم وفرط انهماكهم في الغفلة والضلال، وأصرارهم على تكذيب القرآن والرسول: { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا } المفترى { هُوَ ٱلْحَقَّ } الثابت النازل { مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا } بسبب تكذيبنا إياه { حِجَارَةً مِّنَ } جانب { ٱلسَّمَآءِ } واستأصلنا بها { أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [الأنفال: 32] مؤلم مفزع، وما هذا إلا مبالغة في تكذيب القرآن والرسول على سبيل التهكم.
{ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ } وإن استحقوا أشد العذاب والنكال والهلاك الكلي؛ بسبب تكذيبك وتكذيب كتابك { وَأَنتَ فِيهِمْ } يعني: ما دامت فيهم وفي ديارهم ومكانهم، فإن عذبهم الله فقد أصابك مما أصابهم { وَ } إن أمكن تخليصك وإنقاذك حين تعذيبهم { مَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ } وما أراد تعذيبهم واستئصالهم { وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [الأنفال: 33] أي: يتوقع منهم، من أخلافهم الإيمان والاستغفار في الاستقبال بخلاف الأمم الهالكة من قبلأ.