خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ
٨
ٱشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٩
لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُعْتَدُونَ
١٠
-التوبة

تفسير الجيلاني

{ كَيْفَ } يكون للمشركين معكم عهد أيها المؤمنون؟ وكيف تعتمدون على ميثاقهم { وَ } هم من غاية بغضهم وشدة شكيمتهم { إِن يَظْهَرُوا } ويظفروا { عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ } أي: لا يحافظوا ولا يراعوا في حقكم { إِلاًّ } أي: عهداً وميثاقاً { وَلاَ ذِمَّةً } حقاً لازماً يلتزمون رعايتها؛ كالحقوق التي جرت بين المتعاهدين، بل حالهم أنهم { يُرْضُونَكُم } ويعاهدون معكم { بِأَفْوَاهِهِمْ } خداعاً ومداهنةً { وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ } عمَّا صدرت على ألسنتهم من المعاهدة، بل { وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ } [التوبة: 8] خارجون متمردون عن العهد مطلقاً، لا يتفوهون به أصلاً، فكيف أن يعهدوا؟!.
ومن غاية فسهم وتمردهم، ونهاية توغلهم في الضلال { ٱشْتَرَوْاْ } واستبدلوا { بِآيَاتِ ٱللَّهِ } المنزلة على رسوله، الدالة على توحيده مع وضوحها وسطوعها { ثَمَناً قَلِيلاً } أي: بدلاً حقيراً، متبذلاً مرذولاً، وهو اتباع الأهوية الباطلة والآراء الفاسدة التي ابتدعها المبتدعون بتسويلات شياطينهم { فَصَدُّواْ } أي: أعرضوا وانصرفوا نفوسهم وأتباعهم؛ بسبب تلك الآراء { عَن سَبِيلِهِ } أي: عن دين الله الموصل إلى توحيده { إِنَّهُمْ } من غاية ضلالهم وإضلالهم { سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [التوبة: 9] هذا العمل.
ومن سوء عملهم أيضاً وقبح صنيعهم أنهم من غاية بغضهم مع المؤمنين { لاَ يَرْقُبُونَ } ولا يراعون { فِي } حق { مُؤْمِنٍ } أي: واحد من أهل الإيمان وإن بالغ في ودادهم وإخائهم، ومحافظة عهودهم وذممهم { إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً } أصلاً؛ لشدة شكيمتهم وقوة بغضهم وضغينتهم { وَ } بالجمة: { أُوْلَـٰئِكَ } الأشقياء المردودون المطرودون { هُمُ ٱلْمُعْتَدُونَ } [التوبة: 10] المقصرون على التجاوز عن حدود الله ومقتضى المروءة اللازمة للمرتبة الإنسانية؛ لخبث طينتهم ورداءة فطرتهم.