خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلْرِّزْقِ فَمَا ٱلَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ أَفَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ
٧١
وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ
٧٢
وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ شَيْئاً وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ
٧٣
فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ ٱلأَمْثَالَ إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
٧٤
-النحل

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلْرِّزْقِ } [النحل: 71] فضل الأرواح على القلوب في رزق المكاشفات والمشاهدات بعد الفناء، والرد إلى البقاء، وفضل القلوب على النفوس في رزق الزهد والورع، والتقوى والصدق، واليقين والإيمان والتوكل والتسليم، والرضا، وفضل النفوس على الأبدان في رزق التزكية، ومقاساة شدائد المجاهدات والصبر على المصائب والبلايا وحمل أعباء الشريعة بإشارات الطريقة، وتبديل الأخلاق الذميمة بالحميدة، وفضل أبدان المؤمنين على أبدان الكافرين في رزق الأعمال الصالحة التي هي أركان الشريعة وقراءة القرآن والذكر باللسان شرفه بإخلاص الجنان، { فَمَا ٱلَّذِينَ فُضِّلُواْ } [النحل: 71] { بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } [النحل: 71] في الرزق أي: فما الأرواح ترد رزقها من الفناء والبقاء على القلوب، ولا القلوب ترد رزقها من الإيمان والإيقان على النفوس، ولا النفوس ترد رزقها من شدائد المجاهدات، والصبر على البلاء والمصيبات على الأبدان، وقد ملكت أيمان بعضها على بعض { فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ أَفَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ } [النحل: 71] التي أنعم بها على أوليائه { يَجْحَدُونَ } [النحل: 71] منكري هذا الحديث.
{ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً } [النحل: 72] يعني: أزواج الأرواح والأشباح { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ } [النحل: 72] وهم القلوب { وَحَفَدَةً } [النحل: 75] وهي النفوس، فإن القلوب والنفوس متولدة من ازدواج الأرواح والأشباح { وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } [النحل: 72] بما رزق الأرواح والقلوب من الواردات الغيبية والمواهب الربانية { أَفَبِٱلْبَاطِلِ } [النحل: 72] وهو وسواس الشيطان وتسويلات النفس { يُؤْمِنُونَ } [النحل: 72] أهل الدنيا المغرورين بزخارفها { وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ } [النحل: 72] وهي مواهب الحق { هُمْ يَكْفُرُونَ } [النحل: 72] ينكرون أرباب القلوب.
{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [النحل: 73] أي: الدنيا والهوى { مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } [النحل: 73] من سماوات القلوب { وَٱلأَرْضِ } [النحل: 73] أي: أرض النفوس، { شَيْئاً } [النحل: 73] من الكمالات التي أودع الله فيهن ولا يستخرج منها إلا بعبادة الله { وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } [النحل: 73] استخراجها منها بعبادة غير الله.
{ فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ ٱلأَمْثَالَ } [النحل: 74] بأن تريدوا أن تصلوا إلى المقاصد بغير طريق سنة الله التي قد خلا من قبل وتطلبوها من المخلوقين فتجعلوهم أمثالاً لله، { إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ } [النحل: 74] خطأكم وصوابكم { وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [النحل: 74].