التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
{وَٱضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ} [الكهف: 32] وهما النفس الكافرة والقلب المؤمن {جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا} [الكهف: 32] وهو النفس {جَنَّتَيْنِ} [الكهف: 32] وهما الهوى والدنيا، {مِنْ أَعْنَابٍ} [الكهف: 32] [الشهوات: {وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ} [الكهف: 32] حب الرئاسة {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً} من تمتعات البهيمية ومستلذات الحيوانية.
{كِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ} [الكهف: 33] من الهوى والدنيا {آتَتْ أُكُلَهَا} [الكهف: 33] ثمراتها ونتائجها وهي الميلان إلى زينتها وزخارفها {وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً} [الكهف: 33] أي: بلا نقصان فيها {وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً} [الكهف: 33] من قوة البشرية والحواس الخمسة الظاهرة والباطنة.
{وَكَانَ لَهُ} [الكهف: 34] أي: النفس {ثَمَرٌ} [الكهف: 34] من أنواع الشهوات {فَقَالَ لِصَاحِبِهِ} [الكهف: 34] وهو القلب {وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} [الكهف: 34] أي: يحاور النفس القلب {أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً} [الكهف: 34] أي: أكثر ميلاً {وَأَعَزُّ نَفَراً} [الكهف: 34] من الأوصاف المذمومات.
{وَدَخَلَ جَنَّتَهُ} [الكهف: 35] أي: سرح في جنة الدنيا {وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ} [الكهف: 35] في الاستمتاع بها على وفق هواها بخلاف الشرع مغروراً بها حتى {قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ} [الكهف: 35] أي: تهلك وتفنى {هَـٰذِهِ} [الكهف: 35] الدنيا {أَبَداً} [الكهف: 35] إلى أن نسي القيامة بقوله: {وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَائِمَةً} فغرته الحياة الدنيا وغره بالله الغرور حتى قال: {وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً} [الكهف: 36] يعني: لأنه رحيم كريم يعطيني في الآخرة خيراً مما أعطاني في الدنيا وهذا غاية الغرور بالله وكرمه وهو مخالفة لأوامره ونواهيه، كقوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } [الانفطار: 6] على قوله: { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } [الانفطار: 13-14].