خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَحَمَلَتْهُ فَٱنْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً
٢٢
فَأَجَآءَهَا ٱلْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ قَالَتْ يٰلَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً
٢٣
فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً
٢٤
وَهُزِّىۤ إِلَيْكِ بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً
٢٥
-مريم

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ فَحَمَلَتْهُ فَٱنْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً } [مريم: 22] أي: تنحت به؛ لحمله بلا أب وولادته من غير وقتها، وكلامه في المهد ومعجزاته من إحياء الموتى، وغير ذلك مرتبة علية { فَأَجَآءَهَا ٱلْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ } [مريم: 23] لإظهار المعجزة في الجذع { قَالَتْ يٰلَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا } [مريم: 23] أي: قبل هذا الحمل، فإن بسبب حملي وولدي يدخل الله النار خلقاً عظيماً؛ لأن بعضهم يتهمونني بالزنا، وبعضهم يتهمون ولدي بأنه ابن الله { وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً } [مريم: 23] في العدم لا يذكرني الله تعالى بالإيجاد.
ثم أخبر: { فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ أَلاَّ تَحْزَنِي } [مريم: 24] إلى قوله:
{ { وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً } [مريم: 33] الإشارة عن: عظم شأنها وتبديل أحزانها بقوله تعالى أن مريم القلب لمَّا اعتزلت عن اختلاء الكونين فاستحقت لإرساله روح الله إليها، وقد شرفت بنفخ الروح الإلهي، ووهبت بعيسى روح الله فحيت بحياة الله، ومحت نفس وجودها عن صحيفة الموجودات بقطع النظر عن تعلق الكونين بقولها: { يٰلَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً } [مريم: 23] يعني: في العدم { فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ } [مريم: 24] أي: من لم يبلغ من مرتبتها في قطع النظر إلى الوجود من المكونات { أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ } [مريم: 24] أي: تحت أمرك { سَرِيّاً } [مريم: 24] أي: سرية يشير إلى أن ما دون الله يبشر القلب المنقطع إلى الله بأن الله جعل المكونات تحت أمره؛ لتكون له سرية منقادة في دفع الآفات عنه، وتبليغه إلى اعلى المقامات والقربات.
وقوله: { وَهُزِّىۤ إِلَيْكِ بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ } [مريم: 25] إشارة إلى: نخلة الشجرة الطيبة، وهي كلمة: لا إله إلا الله، فإن مريم القلب في هذا المقام إذا هزت نخلة الذكر { تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً } [مريم: 25] من المشاهدات الربانية والمكاشفات التي هي مشارب الرجال البالغين كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
"أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني" .