خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ
٩
إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى
١٠
فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يٰمُوسَىٰ
١١
إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى
١٢
وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىۤ
١٣
-طه

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

ثم أخبر عن بدايات أهل النهايات بقوله تعالى: { وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } [طه: 9] إلى قوله { فَتَرْدَىٰ } [طه: 16] فقوله: { وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } [طه: 9] يشير إلى أن موسى القلب { إِذْ رَأَى نَاراً } [طه: 10] أي: ناراً من جانب طير الروح { فَقَالَ لأَهْلِهِ } [طه: 10] وهم النفس وصفاتها { ٱمْكُثُوۤاْ } [طه: 10] أسكنوا هاهنا في ظلمة الطبيعة الحيوانية { إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً } [طه: 10] وهي نار المحبة التي لا تبقى ولا تذر من حطب وجود الإنسانية أثراً ولا رسماً ولا ظلال { { نَاراً وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ } [التحريم: 6].
{ لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ } [طه: 10] يخرجكم من ظلمات الطبيعة إلى أنوار الشريعة { أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ } [طه: 10] بالطريقة { هُدًى } [طه: 10] إلى الحقيقة ببذل الوجود ولنيل المقصود:

أَقول لِجارَتي وَالدَّمعُ جارٍ وَلي عَزم الرَّحيل إِلى الدِيارِ
ذَريني أَن أَسيرَ وَلا تَنوحي فَإِنَ الشّهبَ أَشرَفها السّواري
أَأَرضي بِالإِقامةِ في فَلاةٍ وَفَوقَ الفَرقَدينِ عَرفتُ داري

قوله: { فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ } [طه: 11] من شجرة ذات القدس بخطاب النس { يٰمُوسَىٰ * إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ } [طه: 11-12] لأريك { فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ } [طه: 12] أي: انزع عن تعلقات الكونين عن شرك لأقدس عن لوث التعلقات وأرى شرك المطهر، فتارة: بقطع تعلق الدنيا الدنية الخسيسة الفانية، ومرة: بنزع تعلق الآخرة الشريفة العلية الباقية؛ فالمعنى: إنك يا موسى القلب إذا خلعت نعلي الكونين على قدمي همتك وبهمتك المتعلقة أحديهما: بالدنيا، والأخرى: بالآخرة، فقد طهرت وادي شركك عن لوث الالتفات بهما فإنك قد حصلت.
{ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ } [طه: 12-13] وأنا اخترتك يا موسى القلب من بين سائر خلق وجودك من البدن والنفس والسر والروح، وكرمتك بهذه الكرامة؛ لتكون كليمي وصاحب سري يا موسى القلب { فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىۤ } [طه: 13] بسمع الطاعة والقبول ببذل أنانيتك لأنانيتي.