{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً } [المؤمنون: 23] أي: نوح الروح { إِلَىٰ قَوْمِهِ } [المؤمنون: 23] من القلب والسر والنفس والقالب والجوارح { فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } [المؤمنون: 23] من الهوى والشيطان، فعبادة القلب بقطع التعلقات والمحبة، وعبادة السر بالتفرد بالتوحيد، وعبادة النفس بتبديل الأخلاق، وعبادة القلب بالتجريد، وعبادة الجوارح بإقامة أركان الشريعة { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } [المؤمنون: 23] بهذه العبادات غير الحرمان والخذلان وعذاب النيران.
{ فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ } [المؤمنون: 24] يعني: النفس وصفاتها { مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ } [المؤمنون: 24] أي: مخلوق { مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ } ويحكم بالسلطنة فيكم { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ } أن نعبده { لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً } بالرسالة إلينا، ويشير بهذه المقالات إلى بعض البطلة من الطلبة، فإن بعضهم يتكاسلون في الطلب ويقولون لو شاء الله سعينا في الطلب لأيدنا بالصفات الملكية والتوفيق الرباني { مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا } يعني: الذي يدعونا إليه نوح الروح { فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ } أي: ليس هذا من تولدات آباء العناصر.
{ إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ } [المؤمنون: 25] يشير به إلى أن أحوال الحقيقة عند أرباب الطبيعة جنون كما قال: أن أحوال أرباب الطبيعة عند أهل الحقيقة جنون { فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ } يعني إلى وقت هبوب رياح العناية.