خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَـٰذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذٰلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ
٦٣
حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِٱلْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ
٦٤
لاَ تَجْأَرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِّنَّا لاَ تُنصَرُونَ
٦٥
قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ
٦٦
مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ
٦٧
أَفَلَمْ يَدَّبَّرُواْ ٱلْقَوْلَ أَمْ جَآءَهُمْ مَّا لَمْ يَأْتِ آبَآءَهُمُ ٱلأَوَّلِينَ
٦٨
أَمْ لَمْ يَعْرِفُواْ رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ
٦٩
أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَآءَهُمْ بِٱلْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ
٧٠
وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ
٧١
-المؤمنون

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ } [المؤمنون: 63] أي: في غفلة وعمى { مِّنْ هَـٰذَا } من قبول الدعوة والمتابعة وتدارك الغفلة بالفكر السليم عن عواقب الأمور وعلاج عمى القلوب بترك الدنيا وشهواتها وتزكية النفس عن صفاتها الذميمة، وتصفية القلب عن شوب تعلقه بما سوى الله تعالى { وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذٰلِكَ } [المؤمنون: 63] في متابعة الهوى وطلب الدنيا والإعراض عن الهوى { هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } [المؤمنون: 63] أي: مداومون عليها.
{ حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ } [المؤمنون: 64] وهم أكابر المجرمين وقدوة الأصاغر المسرفين { بِٱلْعَذَابِ } أي: بالعذاب الأدنى في الدنيا والعذاب الأكبر في العقبى { إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } [المؤمنون: 64] أي: يتضرعون في طلب النجاة والقبول بعد فساد استعداداتهم للنجاة والقبول، فيقال لهم: { لاَ تَجْأَرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِّنَّا لاَ تُنصَرُونَ } [المؤمنون: 65] لعدم الاستعداد في قبول النصرة فلا ينفعكم التضرع والجزع في غير وقته، وقد ضيعتم أوانه حين { قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } [المؤمنون: 66] لتنتفعوا بها { فَكُنتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ } بالإعراض عن الانتفاع بها والإقبال على متابعة الهوى وطلب الدنيا { مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ } [المؤمنون: 67] على الأنبياء والأولياء والنصحاء بنعيم الدنيا وزينتها { سَامِراً تَهْجُرُونَ } أي: سامرين في هجراننا والإعراض عنا.
ثم أخبر عن سوء تدبيرهم وفرط تقصيرهم بقوله تعالى: { أَفَلَمْ يَدَّبَّرُواْ ٱلْقَوْلَ أَمْ جَآءَهُمْ مَّا لَمْ يَأْتِ آبَآءَهُمُ ٱلأَوَّلِينَ } [المؤمنون: 68] يشير إلى أنهم لو تفكروا بالفكر الصائب في أمر النبي صلى الله عليه وسلم وإنزال القرآن إليه لعلموا أنه ما جاءهم بدعاً من الرسل بما لم يأت آباءهم الأولين أنبياؤهم، وأن كل نبي أحي إليه بالإيمان ونصرة دينه وأخذوا على هذا مواثيقهم، وقد ذكر الله بعثته في الكتب المنزلة أم عملوا أنهم { أَمْ لَمْ يَعْرِفُواْ رَسُولَهُمْ } [المؤمنون: 69] الذي بعثه الله في الكتب المنزلة، كما قال تعالى:
{ { جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ } [البقرة: 89].
{ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ * أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ } [المؤمنون: 69-70] فمرة قابلوه بالتكذيب، ومرة رموه بالسحر، ومرة وصفوه بالجنون، ومرى قد عابوه بالفقر وقلة اليسار، فأخبر الله عن تشتتهم، ومرة رموه بالسحر، ومرة وصفوه بمثل أحوالهم في الضلالة وتقسيم إنكارهم في الجهالة فقال: { وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ } [المؤمنون: 71] في تعاطي مراداتهم الخسيسة على حسب دواعيهم الفاسدة { لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ } [المؤمنون: 71] أي: سماوات أرواحهن وأرض نفوسهم { وَمَن فِيهِنَّ } من القلب والسر، فإن الهوى يهوي بمتابعيه إلى الهاوية { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ } [المؤمنون: 71] أي: بما لهم فيه صلاح في الحال وذكر لهم في المثال { فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ } أي: عن صلاح حالهم وشرف مآلهم { مُّعْرِضُونَ }.