خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ
٦٠
أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٦١
أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ
٦٢
أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٦٣
-النمل

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

ثم أخبر عن حقائق الخلائق بقوله تعالى: { أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } [النمل: 60] والإشارة في تحقيق الآيات بقوله: { أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } [النمل: 60] يشير إلى خلق سماوات القلوب والأرض والنفوس { وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [النمل: 60] سماء القلب { مَآءً } [النمل: 60] ماء نظر الرحمة { فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ } [النمل: 60] من العلوم والمعاني والأسرار والحكم البالغة { مَّا كَانَ لَكُمْ } [النمل: 60] أي: ما كان من الاستعداد الإنساني { أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا } لو لم يكن ماء نظر رحمتنا وخصوصية آياتنا به { شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } [النمل: 60] من الهوى { بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ } [النمل: 60] أرباب النفوس يميلون عن الحق.
{ أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ } [النمل: 61] أرض النفس { قَرَاراً } في الجسد { وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً } من دواعي البشرية { وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ } من قوى البشرية والحواس { وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ } [النمل: 61] وهما بحر الروح وبحر النفس { حَاجِزاً } وهو القلب لئلا يختلطا، فإن في اختلاطهما فساد حالهما { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله } [النمل: 61] من الطبيعة كما زعم الطبائعية ليدبر أمر القالب والروح على وفق الحكمة { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } كمال قدرة الله وحكمته واستغنائه عن الشريك { أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ } [النمل: 62] والمضطر هو المقدورات لها من قدر الله خلقها ولا يقدر على إيجادها غيره، فهي تضطر إلى أن تدعو الله بلسان الحاجة في إيجاده فيجيبه بإخراجه عن العدم إلى الوجود { وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ } من العدم.
{ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ } [النمل: 62] أي: مستعدين لخلافته في الأرض فتعمرون الدنيا وتزينونها بأنواع الصنائع والحرف واستخراج الجواهر من المعارف وغرس الأشجار واتخاذ الأطعمة المتلونة والأشربة المتنوعة والأدوية والمعاجين المختلفة لإزالة الهلاك وللأرض بالعلاج الصالح { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } ليكون له خلق أمثالكم { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } [النمل: 62] أي: قليلاً منكم من يتذكر ويفهم معنى الخلافة ويقوم بشرائطها { أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } [النمل: 63] يُشير إلى بر البشرية وبحر الروحانية ولهما ظلمات الخلقية وإن كانت الروحانية نورانية بالنسبة إلى ظلمة البشرية ومعنى الآية { أَمَّن يَهْدِيكُمْ } [النمل: 63] بإخراجكم من ظلمات البشرية إلى نور الروحانية وظلمات الخليقة الروحانية إلى نور الربوبية غير الله يدل على هذا المعنى قوله:
{ { ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } [البقرة: 257] { وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ } رياح العناية { بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } أي: سحاب الهداية التي فيها مطر الرحمة، { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } [النمل: 62] ليرسل الرياح كما أرسلها الله أو يكون شريكاً له في إرسالها { تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } جماعة يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا يثبتون لله شريكاً من الأنواء.