خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ ٱللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِيۤ أَزْوَاجِهِـمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً
٥٠
تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِيۤ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ وَمَنِ ٱبْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَآ آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قلُوبِكُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً
٥١
-الأحزاب

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

وبقوله: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ } [الأحزاب: 50] تمام الآيات إلى قوله: { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً } [الأحزاب: 51] يشير إلى أن إعزاز النبي صلى الله عليه وسلم وإجلاله وإظهار كمال قوته بالتوسعة في باب النكاح بكم شاء وبمن شاء وكيف شاء ورفع الحرج عنه فيما اقتضت نفسه وهواه وهذا يدل على أن نفسه تنورت بنور قلبه وقلبه منور بنور روحه أن نفسه هي الطمأنينة التي بجذبة { { ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي } [الفجر: 28-29] غاصت في بحر الملكوت الأعلى بإشارة { وَٱدْخُلِي جَنَّتِي } [الفجر: 30] عبرت إلى عالم الملكوت ودخلت في عالم الجبروت فما أبقت لها صفة من صفاتها إلا خرجت عن طبيعتها وتخلقت بأخلاق ربها.
كما أخبر الله تعالى عنها بقوله:
{ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } [القلم: 4] هو الله تبارك وتعالى وأنه على خلقه وأنه صلى الله عليه وسلم لما انسلخت نفسه عن صفاتها بالكلية لم يبق له أن يقول يوم القيامة نفسي نفسي ومن هنا قال عليه السلام: "أسلم شيطاني على يدي" فلما اتصفت نفسه بصفات القلب وزال عنها الهوى لا ينطق بالهوى اتفقت دنياه بصفات الآخرة فحل له في الدنيا ما يحل لغيره في الآخرة من الجنة لأنه نزع من صدره الدنيا على ما ينزع من صور غيره في الآخرة، كما قال: { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ } [الأعراف: 43] وقال في حقه: { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } [الشرح: 1] يعني: بنزع الغل عنه فقال الله عز وجل له في الدنيا { تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِيۤ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ } [الأحزاب: 51] أي: غل يتعلق به إرادتك ويقع عليه اختيارك فلا حرج عليك ولا جناح كما يقول لأهل الجنة: لكم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً } في الأزل بتأسيس بنيان وجودك على قاعدة محبوبيتك ومحبتك { حَلِيماً } فيما يصدر عنك ما لم يحلم من غيرك.