خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِيۤ آبَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً
٥٥
إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً
٥٦
إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً
٥٧
-الأحزاب

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

وقوله: { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِيۤ آبَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } [الأحزاب: 55] يشير إلى تسكين قلوبهن بعد فطامهن عن مألوف العادة ونقلهن إلى معروف الشريعة ومفروض العبادة فمنَّ عليهن وعلى إقرار بأنهن بإنزال هذه الرخصة لاندمال جرحهن ما على سبيل الاحتياط لهن مع ذلك فقال: { وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَ } [الأحزاب: 55] فيهم وفي غيرهم بحفظ الخواطر وميل النفوس ومنها { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } [الأحزاب: 55] من أعمال النفوس وأحوال القلب { شَهِيداً } [الأحزاب: 55] حاضرا وناظرا إلينا.
ثم أخبر عن كمال عزة النبي صلى الله عليه وسلم وعظمته عنده تعالى بقوله: { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } [الأحزاب: 56] يشير بهذا الاختصاص إلى كمال العناية في حق النبي صلى الله عليه وسلم وفي حق أمته، أما كمال عنايته في حق النبي صلى الله عليه وسلم فإنه تعالى يصلي عليه صلاة تليق بتلك الحضرة القدسية عن التشبه فيه المثال مناسبا لحضرة نبوته بحيث يفهم معناها سواهما، وأما كمال عنايته في حق أمته فهو أنه تعالى أوجب على أمته الصلاة عليه، ثم جازاهم بكل صلاة عليه عشر صلوات من صلاته وبكل سلام عشرا وهذه عناية مخصصة بالنبي صلى الله عليه وسلم وبأمته.
ولصلاة الله تعالى على عباده مراتب بحسب مراتب العباد ولها معان: منها الرحمة ومنها المغفرة ومنها البركة ومنها الوارد ومنها الشواهد ومنها الكشوف ومنها المشاهدة ومنها الجذبة ومنها التغذية ومنها الشرب ومنها الري ومنها السكر ومنها التجلي ومنها الفناء في الله ومنها البقاء بالله وهذا هو حقيقة صلوات الله على عباده ولكل واحد من أصحاب المقام الباقي بالله في هذا المقام إلى ما لا نهاية لها.
كما قال تعالى:
{ أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ } [البقرة: 157] أي إلى الله والسير بالله في الله { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } [الأحزاب: 57] بأن لا يؤمنوا بالله ورسوله ويخالفون أمرهما ويتابعون هواهم بل يتخذون إلههم هواهم وكما قال: { مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ } [النساء: 80] فكذلك من أذى رسوله فقد أذى الله وكما استحق المؤمنون بطاعة الرسول والصلاة عليه صلاة الله، فكذلك الكافرون استحقوا بمخالفة الرسول وإيذائه لعنة الله، فقال تعالى: { لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } [الأحزاب: 57] فلعنة الدنيا هي الطرد عن الحضرة والحرمان عن الإيمان ولعنة الآخرة الخلود في النيران والحرمان عن الجنان، وهذا حقيقة قوله: { وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً } [الأحزاب: 57]