خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ
٧٣
وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ
٧٤
لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ
٧٥
فَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ
٧٦
أَوَلَمْ يَرَ ٱلإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ
٧٧
-يس

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

ثم بعضها كما قال تعالى: { وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ } [يس: 73]، فطالبهم بالشكر عليها فوجدهم مقصرين في أدائها مبالغين في كفران النعمة، ثم شكا عنهم مع حبيبه صلى الله عليه وسلم فقال مع كل هذه الوجوه عن الإحسان: { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً } [يس: 74]، أكلوا نعمتي والنتفعوا بها وعبدوا غيري، { لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ * لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ } [يس: 74-75]، ولا نصر أنفسهم { وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ } [يس: 75] في العذاب؛ ليذوق بعضهم وبال بعضهم.
ثم عزى نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: { فَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ } [يس: 76]، يشير إلى كلام الأعداء الصادر من العداوة والحسد جدير أن يحزن قلوب الأنبياء مع كمال قوتهم، وأنهم ومتابعيهم مأمورون بعدم الالتفات له، وتطييب القلوب في مقاساة الشدائد في الله بأن لها ثمرات كريمة عند الله، وللحساد مطالب بها عند الله كما قال { إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ } [يس: 76] من الحسد والضغائن { وَمَا يُعْلِنُونَ } [يس: 76] من العداوة والطعن وأنواع الجفاء، وإذا علم العبد أن ألمه آتٍ من الحق هان عليه ما يقاسيه، لا سيما إذا كان في الله.
ثم أخبر عن عناية الرحمن وغواية الإنسان بقوله تعالى: { أَوَلَمْ يَرَ ٱلإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ } [يس: 77]، يشير إلى كمال عنايته في خلق الإنسان أنه أفرغ عليه سبحانه نعمه؛ إذ كان نطفة من ماء مهين فشدد أسره، وجمع نشره وسوى أعضاءه، وركب أجزاءه ونفخ فيه من روحه وأودعه العقل والتمييز، ثم أنه جاء ظلوما كفَّاراً لأنعمه كما شكا عنه أنه خصيم مبين ينازعه في خطابه، ويعترض عليه في أحكامه بزعمه في استصواب رأيه، وكما قيل:

أَعَلِّمُهُ الرِمايَةِ كُلَّ يَومٍ فَلَمّا اشتَدَّ ساعِدُهُ رَماني