خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلصَّافَّاتِ صَفَّا
١
فَٱلزَّاجِرَاتِ زَجْراً
٢
فَٱلتَّٰلِيَٰتِ ذِكْراً
٣
إِنَّ إِلَـٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ
٤
رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ ٱلْمَشَارِقِ
٥
إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ
٦
وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ
٧
لاَّ يَسَّمَّعُونَ إِلَىٰ ٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ
٨
دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ
٩
إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ
١٠
فَٱسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَآ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ
١١
-الصافات

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ وَٱلصَّافَّاتِ صَفَّا } [الصافات: 1] يشير إلى صفوف الأرواح، وما أنهم لما خلقوا قبل الأجساد كانوا في أربع صفوف كان الصف الأول: أرواح الأنبياء والمرسلين - عليهم الصلاة - وكان الصف الثاني: أرواح الكفار والمنافقين.
{ فَٱلزَّاجِرَاتِ زَجْراً } [الصافات: 2] في "الإلهامات الربانية": الزاجرات العوام عن المناهي والخواص عن رؤية الطاعات، والأخص عن الالتفات إلى الكونين.
{ فَٱلتَّٰلِيَٰتِ ذِكْراً } [الصافات: 3]؛ هم
{ { وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ } [الأحزاب: 35].
والمقسوم عليه { إِنَّ إِلَـٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ } [الصافات: 4] فلا تتخذوا من دونه آلهة من الدنيا والهوى والشيطان، ومعنى كونه واحداً تفرده في صفة عن القسيم وتقدسه في وجوده عن الشبيه، وتنزهه في ملكه عن الشريك، واحد في جلاله أحد باستحقاق جماله، واحد في أفعاله أحد في كبريائه بنعت علائه ووصف سنائه، { رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [الصافات: 5] أرض النفوس، { وَمَا بَيْنَهُمَا } [الصافات: 5] من صفات النفوس وصفات القلوب، { وَرَبُّ ٱلْمَشَارِقِ } [الصافات: 5] مشارق القلوب تطلع منها شموس الشواهد، وأقمار الطوالع، ونجوم اللوامع.
{ إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ } [الصافات: 6]، يشير به إلى الرأس فإنه بالنسبة إلى البدن كالسماء المزين { بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ } الحواس، وأيضاً زيَّن سماء الدنيا بالنجوم، وزيَّن قلوب أوليائه بنجوم المعارف والأحوال، كما حفظ السماوات بأن جعل النجوم للشياطين رجوماً، كذلك زين القلوب بأنوار التوحيد فإذا قرب منها الشياطين رجموهم بنجوم معارفهم.
كما قال: { وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ } [الصافات: 7]؛ يعني من شياطين الإنس { لاَّ يَسَّمَّعُونَ إِلَىٰ ٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ } [الصافات: 8]، وهم أرباب الحقائق.
{ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ * دُحُوراً } [الصافات: 8-9] يرمون كلماتهم الشريفة من كل جانب من جوانب أصحاب الأنفاس المطهرة؛ فيلقونها إلى أوليائهم من مدعي هذا الحديث، فمن دعواهم أكثر من معناهم على غير وجهها؛ فيفهمون هؤلاء منها ما يقرب إلى طبعهم وهواهم، ويتوهمون أنها من الحقائق والأسرار، فإنهم بهذه الخيالات الفاسدة والتمويهات الكاسدة، ساروا من أهل الأسرار وأرباب الحقائق، وبهذا الحسبان والتمني يخالفون الشريعة وشموس ما الحقيقة، فضلُّوا وأضلُّوا كثيراً فيستحقون بهذا الطرد والإبعاد.
{ وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ* إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } [الصافات: 9-10]، كذلك إذا اغتمَّ الشيطان من الأولياء أن بلغ إليهم شيئاً من وساوسه فإذا هم مبصرون.
{ فَٱسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَآ } [الصافات: 11] عرفهم عجزهم عن الإثبات، وضعفهم في كل حال، ثم ذكرهم نسبتهم إلى الطين اللازب، كما قال: { إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ } [الصافات: 11] يشير به إلى أنه تعالى أودع في طينة الإنسانية خصوصية لزوب ولصوق، وبكل شيء صادفه؛ فصادف قوم الدنيا فلصقوا بها، وصادف قوم الآخرة فلصقوا بها، وصادف قوم نفحات ألطاف الحق فلصقوا بها؛ فأذابتهم وجذبتهم عن أنانيتهم بهويتها كما تذيب الشمس الثلج وتجذبه، بل عجبت إذا تحققت هذا المعنى، ويسخرون بهذا المحرومون عن هذه السعادة.