خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

بَلْ جَآءَ بِٱلْحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ
٣٧
إِنَّكُمْ لَذَآئِقُو ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ
٣٨
وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
٣٩
إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ
٤٠
أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ
٤١
فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ
٤٢
فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ
٤٣
عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ
٤٤
يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ
٤٥
بَيْضَآءَ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ
٤٦
لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ
٤٧
وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ عِينٌ
٤٨
كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ
٤٩
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ
٥٠
-الصافات

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ بَلْ جَآءَ بِٱلْحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [الصافات: 37]؛ يعني: محمداً { إِنَّكُمْ لَذَآئِقُو ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ } [الصافات: 38]؛ يعني: كفار مكة، { وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [الصافات: 39] وما كنتم تعملون إلا ما قد أمرتم بعمله بأمر { كُن }.
{ إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } [الصافات: 40] في العبودية والمخلصين في حكم الأزل بالعصيان، { أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ } [الصافات: 41] من أمر { كُن } بالسعادة.
ثم أشار من الرزق المعلوم إلى الفاكهة فقال: { فَوَاكِهُ } [الصافات: 42]؛ أي: فهم ألاَّ يتفكهوا مما يشاءون { وَهُم مُّكْرَمُونَ } [الصافات: 42] من الأزل إلى الأبد بأنهم محمولو العناية، كما قال:
{ { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ } } [الإسراء: 70]، { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } [الصافات: 43]، في جوار الحق تعالى: { عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } [الصافات: 44]، في المدارج والمراتب يستأنس بعضهم برؤية بعض وهذه صفة الأبرار فإن من صفة الأحرار ألا يستأنس إلا بمولاه بقوله: { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ * بَيْضَآءَ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ * لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } [الصافات: 45-47] يشير إلى أن أهل السير من أرباب الوسائط الذين وقفوا على أبواب الشهوات الإنسانية، ومشربهم التلذذ بالشراب من الكأس والشراب من معين، وقوم شربوا ومشربهم الحب كما قال قائلهم:

شربت الحب كأساً بعد كأس فما نفذ الشراب وما رويت

وقال آخر:

قوم شربوا ومشربهم المحبوب شراب ألحاظ يسكر اللبَّا

وإلى مثل هذا المعنى يشير بقوله: { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ عِينٌ * كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ } [الصافات: 48-49] لا ينظرون إلى غير الولي، ثم الولي قد ينظر إليهن، وفيهم من لا ينظر إليهن:

جُنِنّا على ليلى وجُنَّت بغيرنا وأخرى بنا مجنونةٌ لا نُريدها

ثم أخبر عن إقبال أرباب الأحوال بقوله تعالى: { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } [الصافات: 50] يشير إلى أن أهل جهنم هم الذين كانوا ممن لم يقبلوا على الله بالكلية وإن كانوا مؤمنين موحدين وإلا كانوا في مقعد صدق مع المقربين.