خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ
٢٤
كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ ٱلْعَـذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ
٢٥
فَأَذَاقَهُمُ ٱللَّهُ ٱلْخِزْيَ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ
٢٦
وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
٢٧
قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
٢٨
-الزمر

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ } [الزمر: 24] عن نفسه { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } [الزمر: 24]؛ أي: عذاب يوم القيامة كمن لا يتقي ويظلم على نفسه، { وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } [الزمر: 24]؛ أي: ذوقوا عذاب ما كسبتم بأفعالكم الردية، وأخلاقكم الدنية؛ يعني: كنتم في غير العذاب، ولكن ما كنتم تجدون ذوقه لغلبة نوم الغفلة، فإذا متم أنبئتم، والذي يؤكد هذا التأويل قوله تعالى: { نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } [مريم: 72]، { كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ ٱلْعَـذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } [الزمر: 25]؛ أي: أتاهم العذاب في صورة الصحة والنعمة والسرور، وهم لا يشعرون أنه العذاب، وأشد العذاب ما يكون بفتنة، كما أن أتم السرور ما يكون صلة، وأوجع تأثير الفراق للقلب ما يكون بغتة غير متوقفة، وفي معناه قيل:

فبتنا بخير والدنيا مطمئنة وأصبحت يوماً والزمان تقلبا

وبقوله: { فَأَذَاقَهُمُ ٱللَّهُ ٱلْخِزْيَ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } [الزمر: 26]، يشير إلى أنه تعالى أذاقهم عذاب الخزي والهوان في الدنيا وهو العذاب الأدنى؛ ليعلموا أن عذاب الآخرة أكبر فيتحرزوا عنه، ويرجعوا إلى ربهم بالتوبة والإنابة.
ثم أخبر عن ضرب الأمثال بشرح الأقوال بقوله تعالى: { وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [الزمر: 27]، يشير إلى أن أحوال العباد واشتغالهم بالدنيا، وتعلقاتهم بها وبالأهالي واحتجابهم عنا، نوضحها لهم بضرب الأمثال المتناسبة في القرآن { لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [الزمر: 27] أحوالهم لما كانت أرواحهم في جوارنا مفردة عن هذه التعلقات الشاغلات، متوجهه إلى حضرتنا منتفعة بشواهد ألطافنا، فيشتاقون إلى تنسم روائح نفحات ألطافنا، فيتعرضون لها بالتجريد والتفريد؛ ليصلوا إلى حقيقة التوحيد متمسكين بحبل كلامنا.
{ قُرْآناً عَرَبِيّاً } [الزمر: 28] منزلاً من عندنا { غَيْرَ ذِي عِوَجٍ } [الزمر: 28]؛ أي: صراطاً مستقيماً إلى حضرتنا،
{ لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ } [فصلت: 42]، { لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } [الزمر: 28] به عما سوانا.