خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلْيَتَٰمَىٰ ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً
١٠
يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلَٰدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنْثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا ٱلنِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُنْ لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ ٱلثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ ٱلسُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَآ أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً
١١
وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَٰجُكُمْ إِنْ لَّمْ يَكُنْ لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ ٱلثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَٰلَةً أَو ٱمْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ فَإِن كَانُوۤاْ أَكْثَرَ مِن ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَآءُ فِي ٱلثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ
١٢
-النساء

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

وفي قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلْيَتَٰمَىٰ ظُلْماً } [النساء: 10]، إشارة إلى الذين يضيعون أطفال الطريقة ولا يراعون حقوقهم بالنصيحة والوصية والإرشاد إلى سبيل الرشاد، ويحرمونهم عن مشارب ولايتهم تقصيراً أو تهاوناً { إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً } [النساء: 10]؛ لحسرة تحسراً وتغابناً، { وَسَيَصْلَوْنَ سَعِير } [النساء: 10] آة التقصير، إذ في أداء حقوقهم غرامة ولا ينفعهم الندامة.
ثم أخبر عن وصاية أهل الولاية بقوله تعالى: { يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلَٰدِكُمْ } [النساء: 11]، إشارة في الآيات: إن المشايخ للمريدين بمثابة الآباء للأولاد، فإن الشيخ في قومه كالنبي في أمته على ما قاله صلى الله عليه وسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم:
"أنا لكم كالوالد لولده" ، ففي قوله تعالى: { يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلَٰدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنْثَيَيْنِ }، الآيات كلها إشارات إلى وصايا المشايخ والمريدين ووارثتهم في قرابة الدين، كقوله تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ } [المؤمنون: 10]، فكما أن الوراثة الدنيوية بوجهين: بالسبب والنسب، فلذلك الوراثة الدينية بوجهين: إما السبب فهو الإرادة ولبس خرقتهم، والتبرك بزيهم للتشبه بهم، وأما النسب فهو الصحبة معهم بالتسليم للتصرفات ولايتهم ظاهراً وباطناً بصدق النية وصفاء الطوية، مستسلماً لأحكام التسليك والتربية، يتولد السالك بالغشاوة الثانية، فإن الولادة تنقسم على:
النشأة الأولى: وهي ولادة جسمانية، بأن يتولد المؤمن من رحم الأم إلى عالم الشهادة وهو الملك، والنشأة الثانية: وهي ولادة روحانية، بأن يتولد السالك من رحم القلب إلى عالم الغيب وهو الملكوت.
كما حكي النبي صلى الله عليه وسلم عن عيسى عليه السلام أنه قال:
"لم يلج ملكوت السماوات والأرض ما لم يولد مرتين" ، فالشيخ هو الأب الروحاني، والمريدون المتولدون من صلب ولايتهم الأولاد الروحانيون، وهم فيما بينهم { وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ } [الأنفال: 75]، لقوله: { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } [الحجرات: 10]، وقال صلى الله عليه وسلم: "الأنبياء أخوة من علات، وأمهاتهم شتى ودينهم واحد" ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "كل حسب ونسب ينقطع إلا حسبي ونسبي" ؛ لأن نسبه كان بالدين، كما سئل النبي صلى الله عليه وسلم من آلك؟ قال: "إلى كل مؤمن تقي" ، وإنما يتوارثون أهل الدين على قدر تعلقاتهم السببية والنسبية، والذكورة والأنوثة في الجد والاجتهاد وحسن الاستعداد، وإنما موازينهم العلوم الدينية واللدنية، كما قال صلى الله عليه وسلم: "العلماء ورثة الأنبياء، لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر" ، وقال موسى للخضر - عليهما السلام -: { { هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً } [الكهف: 66].