خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ
٤٥
وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ
٤٦
ٱسْتَجِيبُواْ لِرَبِّكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَكُمْ مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّكِيرٍ
٤٧
-الشورى

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا } [الشورى: 45] على النار { خَاشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ } [الشورى: 45] إذ لم يخشعوا في الدنيا من عزة العناية لا ينفعهم ندامة ولا يسمع منهم دعوة، { يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ } [الشورى: 45] من خجالة المؤمنين إذ يعيرونهم بما ذكروهم فلم يسمعوا، وذكروا أنه لا ناصر لهم لينصرهم ولا راحم يرحمهم، { وَقَالَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } [الشورى: 45]، { { وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ } [الحج: 78] الذين ربحوا على ربهم، { إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ } [الشورى: 45] بإبطال استعدادهم، إذ صرفوه في طلب الدنيا وزخارفها والالتذاذ بها { وَأَهْلِيهِمْ } [الشورى: 45]؛ أي: وخسروا أهليهم { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } [الشورى: 45] إذا لم يقوا أنفسهم وأهليهم ناراً بقبول الإيمان وأداء الشرائع { { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ } [عبس: 34-36]، { أَلاَ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ } [الشورى: 45] الذين كانوا في جهنم شهوات النفس جنياً في الدنيا { فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ } [الشورى: 45] في الآخرة، { وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ } [الشورى: 46] من المؤمنين { يَنصُرُونَهُم } [الشورى: 46] بالشفاعة، ولا الذين اتخذوا { مِّن دُونِ ٱللَّهِ } [الشورى: 46] من دون أن ينصرونهم بالنجاة من أولياء الله، { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } [الشورى: 46] بأن يشغلهم بغيره { فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ } [الشورى: 46] يصل به إلى الله.
ثم أخبر عن الاستجابة بالعبودية للربوبية بقوله تعالى: { ٱسْتَجِيبُواْ لِرَبِّكُمْ } [الشورى: 47] للعوام: إلى الوفاء بعهده والقيام بحقه والرجوع من مخالفته إلى موافقته، وللخواص: إلى الاستسلام للأحكام الأزلية والإعراض عن الدنيا وزينتها وشهواتها؛ إجابة لقوله تعالى:
{ وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ } [يونس: 25].
ولأخص الخواص: من أهل المحبة إلى صدق الطلب بالإعراض عن الدارين متوجهاً بحضرة الجلال، ببذل الوجود في نيل الوصول والوصال مجيباً لقوله:
{ { وَدَاعِياً إِلَى ٱللَّهِ بِإِذْنِهِ } [الأحزاب: 46]، والطريق إلى الاستجابة مفتوح وعن قريب سيغلق الباب على القلوب بغتة ويؤخذ قلبه وذلك قوله تعالى: { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَكُمْ مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّكِيرٍ } [الشورى: 47].