التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
{وَتَبَارَكَ ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ} [الزخرف: 85] تعالى وتقدر وتنزه وتكبر {ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ} سماوات الأرواح الأشباح {وَمَا بَيْنَهُمَا} [الزخرف: 85] من القلوب والأسرار والنفوس {وَعِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ} [الزخرف: 85] لا يعلمها إلا هو {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [الزخرف: 85] بالاختيار والاضطرار يرجعون بالموت في السلاسل والأغلال { يُسْحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ } [القمر: 48]، {وَلاَ يَمْلِكُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَن شَهِدَ بِٱلْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86]؛ أي: من شهد الحق وشاهده بفضل الحق وفيضه، فيثب له الحق حق الشفاعة؛ لأن الشفاعة لأهل الحضور في المشاهدة لا لأهل الغيبة في البعد، {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ} [الزخرف: 87]؛ لأن الإنسان خلق للمعرفة وطبع عليها وبهذا أكرمه الله، فأما الإنسان في معرفة الأنبياء وقبول دعوتهم، والتوفيق لمتابعتهم، والتدين بأديانهم، {فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ} [الزخرف: 87] بتكذيب الأنبياء ورد دعوتهم إلا لكمال عزة الله وجلاله وعظمته، {وَقِيلِهِ يٰرَبِّ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ} [الزخرف: 88] بأنبيائك وكتبك مع إيمانهم بخالقيتك، فأجاب الله لأهل هذا القيل بقوله: {فَٱصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ} [الزخرف: 89]؛ لأن الأمر ليس إليهم ولا إليك ولكنه بمشيئتنا منوط، {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 89] إذا كشف الغطاء وظهر اللقاء؛ لأن كل من خلق لما خلق وما عمل، وإلى ما رجع، رجع، والله أعلم.