خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ
٥
وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ
٦
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
٧
وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ
٨
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ
٩
أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا
١٠
ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ
١١
-محمد

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ سَيَهْدِيهِمْ } [محمد: 5] إلى حضرة الربوبية بجذبة { { ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ } [الفجر: 28] { وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ } [محمد: 5] أي: يجعلهم قابضي فيض الإلوهية { وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } [محمد: 6]؛ أي: بالجذبة عرف النفوس قبول الفيض الإلهي.
ثم أخبر أن النصر في النصرة بقوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ } [محمد: 7]، يشير إلى أنكم إن وجدتم في أنفسكم شيئاً يحرضكم على نصرة الله، فذلك من أثر نصرة الله إياك، فإنه قد نصركم بالتوفيق لنصرة الحق، فأما نصرة الله من العبد على وجهين: صورة ومعنى.
أما نصرته في الصورة: نصرة دينه بإيضاح الدليل وتبينه، وشرح فرائضه وسننه وإظهار معانيه وأسراره وحقائقه، ثم بالجهاد والغزو لإعلاء كلمته وقمع أعداء الدين.
وأما نصرته في المعنى: فبإفناء ناسوتيته في لاهوتيته؛ ليبقى بعد فناء خلقه.
وأما نصرة الله للعبد أيضاً على وجهين: صورة ومعنى.
أما نصرته للعبد في الصورة: فبإرسال الرسل وإنزال الكتب، وإظهار الإعجاز والآيات، وبتبيين السبل إلى النعيم والجحيم وحضرة الكريم، ثم بالأمر؛ أي: وأمر في الجهاد الأصغر والأكبر، وتوفيق المسعى فيهما طلب الرضاء لا تبعاً لهواه، وبإظهاره على أعداء الدين وقهرهم في إعلاء كلمة الله العليا.
وأما نصرته للعبد في المعى: فيأتيه أو يشده في إفناء وجوده الفاني في وجوده الباقي، بتجلي صفات جماله وجلاله، { وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } [محمد: 7] في الجهاد الأصغر والأكبر؛ لئلا تزول عن التوحيد والوحدة، { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [محمد: 8] من النفوس السائرة بالحق يقيم صفاتها الذميمة، { فَتَعْساً لَّهُمْ } [محمد: 8] طرداً وبعداً من جوار الحق، { وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } [محمد: 8] عن طريق الحق والصواب، { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ } [محمد: 9] من موجبات مخالفات النفس والهوى وموافقات الشرع ومتابعة الأنبياء، { فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ } [محمد: 9]؛ لشوبها ما بالشرك والرياء والتصنيع والهوى.
{ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } [محمد: 10] تسلكوا في أرض البشرية، { فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } [محمد: 10] من القلوب والأرواح، لما تابعوا الهوى وتأولوا بحب الدنيا { دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } [محمد: 10]، وأهلكهم في أودية الرياء وبوادي البدعة والضلالة، { وَلِلْكَافِرِينَ } [محمد: 10] النفوس اللئام في طلب المرام { أَمْثَالُهَا } [محمد: 10] من الضلال والهلاك.
{ ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [محمد: 11]؛ أي: ناصرهم على طلب الحق ومؤيدهم بالوصول والوصال، { وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } [محمد: 11]؛ أي: ما هو بناصر لهم، فصاروا أهل الخذلان والخسران.