خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوۤاْ أَوْ يُصَلَّبُوۤاْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ ٱلأَرْضِ ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ
٣٣
إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٣٤
يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبْتَغُوۤاْ إِلَيهِ ٱلْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
٣٥
-المائدة

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

ثم أخبر عن جزاء المخالفين والمحاربين بقوله تعالى: { إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } [المائدة: 33]، إلى قوله { أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [المائدة: 34] والإشارة فيها أن جزاء الذين يحاربون الله ورسوله - يعني بمعاداة أولياء الله - فإن الخبر الصحيح حكاية عن الله تعالى "من عاد إليّ ولياً فقد بارزني بالحرب وأني لأغضب لأوليائي كما يغضب الليث لحرده" { وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ } [المائدة: 33]، بعاداتهم { فَسَاداً } [المائدة: 33]، يظهر أثره في البر والبحر كقوله تعالى: { ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ٱلنَّاسِ } [الروم: 41].
{ أَن يُقَتَّلُوۤاْ } [المائدة: 33]، بسكين الخذلان { أَوْ يُصَلَّبُوۤاْ } [المائدة: 33]، بحبل الهجران على جذع الهجران { أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ } [المائدة: 33]، عن أذيال الوصال { وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ } [المائدة: 33]، عن الاختلاف { أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ ٱلأَرْضِ ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ } [المائدة: 33]، بُعد وهوان { فِي ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [المائدة: 33]، الفرقة والقطيعة { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ } [المائدة: 34]، وأنابوا إلى الله واستغفروا واعتذروا عن أولياء الله { مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ } [المائدة: 34]، برؤية الولاية أيها الأولياء فإن ردكم رد الحق وقبولكم قبول الحق، وإن مردود الولاية مقصود العناية { فَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } [المائدة: 34]، لمن تاب ورجع إلى الله { رَّحِيمٌ } [المائدة: 34]، بهم أن يقبل توبتهم ويغفر حوبتهم.
ثم أخبر عن حقيقة التقوى أنها ابتغاء الوسيلة والقربى بقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبْتَغُوۤاْ إِلَيهِ ٱلْوَسِيلَةَ } [المائدة: 35]، إلى قوله:
{ { وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } [التوبة: 68]، والإشارة فيها أن الله تعالى جعل الفلاح الحقيقي في أربعة أشياء، أحدها: الإيمان وهو إصابة رشاش النور في بدء الخلقة، وبه تخلص العبد من حجب ظلمة الكفر، وثانيها: التقوى وهو منشأ الأخلاق المرضية ومنبع الأعمال الشرعية، ويخلص العبد من ظلمة المعاصي، وثالثها: ابتغاء الوسيلة وهو إفناء الناسوتية في بقاء اللاهوتية، وبه يتخلص العبد من ظلمة أوصاف الوجود، ورابعها: الجهاد في سبيل الله وهو اضمحلال الأنانية في إثبات الهوية، وبه يتخلص العبد من ظلمة الوجود، ويظفر بنور الشهود، والمعنى الحقيقي يا أيها الذين أمنوا بإصابة النور اتقوا الله بتبديل الأخلاق الذميمة، وابتغوا إليه الوسيلة في إفناء الأوصاف { وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ } [المائدة: 35]، بتبديل الوجود { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [المائدة: 35]، بنيل المقصود من المعبود.