التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
{ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَٰرَهُمْ } [الأنعام: 110]؛ يعني: كيف يؤمنون ونحن نقلب أفئدتهم عن الآخرة إلى الدنيا وأبصارهم من شواهد المولى إلى مشاهدة النفس والهوى، ونجعلهم { كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [الأنعام: 110]؛ أي: كأنهم لا يؤمنون يوم الميثاق بالوحدانية، إذ قال تعالى: { { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ } [الأعراف: 172]، { وَنَذَرُهُمْ } [الأنعام: 110] على حكم سَابق الأزل، { فِي طُغْيَانِهِمْ } [الأنعام: 110]، الخذلان، { يَعْمَهُونَ } [الأنعام: 110] إلى الأبد، { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ } [الأنعام: 111] ليفقهوا، { وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ } [الأنعام: 111] أي: يحيي قلوبهم الميِّتة وتكلمهم.
{ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً } [الأنعام: 111]؛ يعني: معاينة الآيات المودعة في المكونات وإن تظاهرت وتوالت شموس الشواهد وإن سألت { مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ } [الأنعام: 111] إذ قصمتهم العزة وكبتتهم [شقاوة] القَسْمَة، { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } [الأنعام: 111]، فإن المشيئة تغير السجية، والعناية الأزلية كفاية الأبدية، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ } [الأنعام: 111]، إن الهدى ليس بالمنى وإنها بمشيئة المولى.